في ردهم على البيان الرسمي لجماعة الإخوان عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدء خطوات تصنيف الجماعة كياناً إرهابياً، أكد أمنيون مصريون أن بيان الجماعة حول عدم وجود أي ارتباط لها بأميركا أو وجود شبكات وجمعيات لها في الولايات المتحدة عارٍ تماماً من الصحة.
ويقول اللواء عادل عزب، مسؤول الملف الإخواني بجهاز الأمن الوطني المصري لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت"، إن مصادر ومعلومات متعددة ومتطابقة تؤكد بوضوح أن الهيكل الإخواني داخل الولايات المتحدة لم يكن منفصلًا عن النظام المركزي للجماعة والتنظيم الدولي، إذ اضطلع خلال فترة من الفترات أحد أبرز قيادات حركة حماس، وهو موسى أبو مرزوق، بدور قيادي أشبه بـ"المراقب العام" داخل الولايات المتحدة، مشكلاً قناة ارتباط غير معلنة بين مكتب الإرشاد العالمي والشبكات التنظيمية والمالية في أميركا.
محاولة للهروب من المساءلة القانونية
وأضاف أنه تم توقيف أبو مرزوق داخل الولايات المتحدة في يوليو من العام 1995، قبل أن يتم ترحيله إلى الأردن في مايو 1997 على خلفية ارتباطه بحركة حماس، ولا يمكن النظر إلى فترة إقامته ونشاطه داخل أميركا بمعزل عن طبيعة علاقته بالبنية الإخوانية الدولية، وما ترتب عليها من تنسيق سياسي وتمويلي بين الحركة الأم وامتدادها المسلح في المنطقة، مشيراً إلى أن هذا كله يثبت أن الجماعة كيان دولي موحد ذو تبعية فوق وطنية، وما ورد في البيان محاولة مكشوفة للهروب من المساءلة القانونية العابرة للحدود التي يتيحها القانون الأميركي.
وقال إن بيان الإخوان جاء مُحملاً بالعديد من المغالطات الفجة، ليس لمناقشة جوهر الأزمة أو توضيح الحقائق، بل لإخفائها والسعي إلى صناعة حالة سياسية للهروب من النقاش القانوني، والتستر وراء الجاليات المسلمة بادعاء أن إجراءات التصنيف جاءت للنيل من المسلمين في أميركا، موضحاً أن الجماعة تحاول إقحام الدين في قضية ليست دينية أصلاً، وتقدم نفسها باعتبارها ممثلاً للمسلمين، والتلاعب بمشاعر الجاليات لخلق مصدات بشرية تحمي التنظيم من المساءلة.
التخفي خلف ستار الدين
وأكد اللواء عزب أن البيان ادعى أن الجماعة لا ترتبط بتنظيم دولي، وأن الكيانات في الدول المختلفة مجرد جمعيات محلية مستقلة، بينما تؤكد اللائحة التنظيمية للإخوان أنفسهم خلاف ذلك تماماً فوفقاً لما تنص عليه اللائحة الخاصة بالجماعة في الباب السادس منها حول تنظيم العلاقة بين القيادة العامة وقيادات الأقطار، فإن قرارات القيادة العامة وهي المرشد العام ومكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام ملزمة مباشرة لقيادات الأقطار في القضايا السياسية الكبرى، ولا يجوز لأي قطر اتخاذ قرار سياسي هام دون موافقة مكتب الإرشاد العام طبقاً لنص المادة 50.
وقال إن المادة 51 من لائحة الجماعة تنص على أن أي لائحة تنظيمية داخل أي دولة لا تصبح نافذة إلا بعد اعتماد مكتب الإرشاد العام، مؤكداً أن هذه ليست معركة دين بل معركة تنظيم سياسي عابر للدول يتخفى خلف الدين عند كل أزمة تقترب من بنيته وموارده وشبكاته.
تضليل قانوني
وأكد المسؤول الأمني المصري أن البيان يحاول تصوير عدم تصنيف الجماعة إرهابية سابقاً بأنه دليل براءة، وهو تضليل قانوني، فالقوانين الأميركية الخاصة بالمنظمات الإرهابية والعقوبات الدولية لا تشترط قيام التنظيم بعمل إرهابي مباشر، بل يكفي تقديم دعم مالي أو لوجستي لتنظيمات مسلحة، وتوفير غطاء فكري أو أيديولوجي لتحركاتها، واستخدام جمعيات مدنية كستار للتمويل أو التجنيد أو نشر خطاب يبرّر العنف.
وبالتالي، فإن قاعدة القانون الأميركي تركز على الدعم والتيسير والشرعنة، وليس شرطاً تنفيذ العملية على يد التنظيم نفسه، وهي وقائع ثابتة بحق أجنحة مرتبطة بالجماعة في عدة دول عبر شبكات تمويل وواجهات مدنية.
من جانبه، يقول اللواء أحمد عليوة، مسؤول الأمن الوطني الأسبق بشمال سيناء، إن البيان تعمد استدعاء الجاليات المسلمة في أميركا لجعلها حائط صد سياسياً يحمي التنظيم من المساءلة، عبر الادعاء أن إجراءات التصنيف تستهدف الإسلام والحقيقة أن الدين ليس محل تصنيف، والمسلمين ليسوا محل مساءلة، والعمل الخيري النزيه ليس محل عقاب، موضحاً أن المساءلة تطال الهياكل السرية التي تعمل بغطاء ديني لتحقيق أهداف سياسية وتنظيمية، وليس المجتمعات المسلمة التي تحترمها القوانين الأميركية وتضمن لها حرية العبادة والعمل المدني.
استغلال غير أخلاقي للمسلمين
وقال إن استخدام المسلمين كدروع بشرية في معركة قانونية استغلال غير أخلاقي هدفه حماية التنظيم لا حماية الجاليات، مؤكداً أن البيان الصادر عن الإخوان ليس رداً قانونياً، بل محاولة لإفساد النقاش القانوني بتوظيف الدين والهوية لتغطية مسؤولية تنظيم عابر للدول.
واختتم المسؤول الأمني قائلاً: "إذا كان التنظيم يثق حقاً في سلامة موقفه، فليقبل المساءلة المباشرة والشفافة بدلاً من الاحتماء بالجاليات".
وكانت جماعة الإخوان وتحديداً جبهة لندن في الجماعة بقيادة صلاح عبد الحق، قد أكدت ما نشرته "العربية.نت" وأعلنت أنها تسعى جاهدة إلى استخدام كل السبل القانونية المتاحة للطعن على قرار ترامب.
وطالبت الجبهة في بيان رسمي أصدرته في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس، واشنطن بالتمسك بمبادئها الخاصة بالإجراءات القانونية الواجبة والشفافية والإنصاف، والتواصل بشكل مباشر وشفاف مع الممثلين الشرعيين لكل حركة من الحركات التي تسعى إلى تصنيفها، مؤكدة أن القرار يشكل "سابقة خطيرة" تقوض الأمن القومي الأميركي والاستقرار الإقليمي.
"سابقة خطيرة"
وذكرت أن هذا الأمر التنفيذي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة أو شعبها، مؤكدة أنه ليس لجماعة الإخوان أي تنظيم أو فرع أو تمثيل لها في أي مكان في داخل الولايات المتحدة الأميركية.
وقالت الجماعة عبر البيان إن الجماعة ليس لها تواجد على الأراضي الأميركية، وليس لها أي ارتباط تنظيمي أو تشغيلي أو مالي مع أي كيان في أميركا الشمالية.
يشار إلى أن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدء تصنيف جماعة الإخوان "منظمة إرهابية أجنبية" كان قد ألقى بظلاله الثقيلة على تحركات الجماعة عالمياً.
وأثار القرار حالة من الرعب والقلق الشديدين داخل صفوف الجماعة في ظل التداعيات العقابية التي يحملها، خاصة على شبكتها التنظيمية وكياناتها المالية في الولايات المتحدة ومصر والأردن ولبنان.


