شهد الخط الأزرق، الفاصل بين لبنان وإسرائيل، توترات بارزة أدّت إلى إعادة طرح ملف ترسيم الحدود البرية فيما بينهما، إلاّ أنّ الخبير العسكري والإستراتيجي أمين حطيط أشار إلى أنّ "الحدود البرية في لبنان هي حدود نهائية، ولايمكن أن تكون هنالك حدودًا جديدة".
وفي حديث لـ"وردنا"، قال حطيط: "الخط الأزرق هو خط وهمي ليس له أي قيمة قانونية، وإنّ لبنان وإسرائيل لم يوقعا اتفاق حول الخط الأزرق، بل هو خط اختلقته الأمم المتحدة للتحقق من الإنسحاب الإسرائيلي".
وأضاف: "إنّ "الخط الأزرق يقسم إلى قسمين، القسم الأول يمتد من الناقورة غربًا إلى المطلة شرقًا إلى محازات الوزاني عند الغجر، ويتحفط لبنان في هذا الجزء حول ثلاث نقاط لدى الأمم المتحدة".
أمّا بالنسبة إلى القسم الثاني، فهو يبدأ من الغجر إلى حرمون، و"لبنان والأمم المتحدة غير متفقين على الخط الأزرق- إلاّ في منطقة الغجر- حيث أنّ الحدود متطابقة والحدود الدولية متطابقان، وبالتالي ليس هنالك أي نزاع".
وقال حطيط: "الخط الأزرق في مزارع شبعا يختلف عن خط الحدود الدولية المتسك به لبنان والممتد من الغجر إلى شمال شبعا إلى وادي العسل إلى حرمون. الخط الأزرق الذي اقترحته الأمم المتحدة يمتد من الغجر صعودًا إلى حرمون، ويبتعد عن خط الحدود الدولية بمسافات متفاوتة بحسب تعرجات الأرض، وبين هذين الخطين نشأت منطقة مزارع شبعا، فالأمم المتحدة تعترف بلبنانية هذه المزارع، ولكن تنكر الصلاحية العملانية لليونيفل فيها".
ولفت حطيط إلى أنّه "لا يوجد بين لبنان وإسرائيل منطقة عازلة، لذا بإمكان الجيش اللبناني أن يصل إلى الحدود متى يشاء وكذلك الجيش الإسرائيلي".
الخط الأزرق
الخط الأزرق هو خط الإنسحاب الذي تم تحديده في عام 2000 من قبل الأمم المتحدة، بالتعاون مع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين، بغرض تأكيد انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن رقم 425 الذي صدر عام 1978، بعد الاجتياح الاسرائيلي الأول لمناطق في جنوب لبنان.
يمتد الخط الأزرق لمسافة 120 كيلومترًا على طول حدود لبنان الجنوبية، وخلال أحد الإجتماعات الثلاثية في العام ٢٠٠٧، اتفق الطرفان على وضع علامات مرئية على الخط الأزرق على الأرض.
البرميل الأزرق
وتجدر الإشارة، إلى أنّ الخط الأزرق لا يمثل بأي شكل من الأشكال حدودًا دولية، وإنّ عملية وضع العلامات المرئية على طول الخط الأزرق هي مشروع ثلاثي مستمر بين لبنان، إسرائيل واليونيفيل من أجل تعزيز الثقة المتبادلة وتخفيف التوترات.
البراميل الزرقاء، وهي العلامات المائية التي تم وضعها على امتداد الخط الأزرق، من أجل حفظ أمن السكان الذين يعيشون على جانبي الخط الأزرق من خلال منع أي عبور غير مقصود.
شاهدوا كيف يشرح "البرميل الأزرق" الخط الأزرق لتلامذة مدرسة في العاشرة من عمرهم على موقع #اليونيفيل:http://t.co/CYsN9cIA
— UNIFIL (@UNIFIL_) December 20, 2012
بعد حرب 2006، أصبح الخط الأزرق أحد العناصر المركزية في القرار 1701، ومنذ عام 2007 عملت اليونيفيل مع الأطراف على وضع البراميل الزرقاء التي توضح المسار الدقيق للخط الأزرق. وكل برميل من البراميل الزرقاء البالغ عددها 272، والتي تحدد الخط حاليًا لم يوضع إلاّ بعد تدقيق معقد واتفاق من كلا الجانبين.
رسم الخط الأزرق
رسم الخط الأزرق عام 2000 من قبل الأمم المتحدة، ومن خلال لجنتين منفصلتين كليًّا الأولى لبنانية - أممية مؤلفهم فريق لبناني قوامه 5 أعضاء برئاسة العميد الركن أمين حطيط، وفريق دولي من 7 أعضاء برئاسة الجنرال سرينن نائب قائد القوات الدولية في الجنوب "اليونيفيل"، واللجنة الثانية إسرائيلية - أممية مؤلفة من فريق دولي من 5 أعضاء برئاسة الجنرال سرينن أيضًا، وفريق إسرائيلي مشكل من 6 أعضاء، وبقيت كل لجنة تعمل في نطاقها. وكان الفريق الدولي هو الذي ينقل المواقف والطلبات دون أن يكون هناك أي اتصال بين الطرف الإسرائيلي واللبناني.
مناطق النّزاع
كانت الصيغة الأولى التي تقدمت بها الأمم المتحدة للخط الأزرق متباينة مع الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين المحتلة في 13 منطقة، يبلغ مجموع مساحتها ما يزيد قليلاً عن 18 مليون م2، وقد رفض لبنان عبر لجنته العسكرية برئاسة حطيط القبول بهذا الخط وبعد نقاش مرير دام لأيام داخل اللجنة اللبنانية - الأممية (عقدت جلستها الأخيرة برئاسة رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك العماد إميل لحود)، أخذت الأمم المتحدة بملاحظاتنا وتراجعت عن خطها في 10 مناطق وتمسكت بـ3 نقاط هي رميش والعديسة والمطلة، ومع تمسك لبنان بحقه في تلك المناطق اعتمد حل يقضي بأن يعدل الخط الدولي في المناطق الـ10 ويتحفظ لبنان على المناطق الثلاث الباقية، شرط أن يبقى الحال ميدانيًا كما هو، وهذا ما حصل بالفعل ومنعت إسرائيل من التقدم لقضم العديسه ورميش، ونشأت مقولة التحفظات الثلاثة المذكورة.
نقاط التحفظ
أثناء ترسيم الخط الأزرق تحفّظ لبنان على نقاط عدّة على الخط، واعتبرتها الدولة اللبنانية ولا تزال مناطقَ لبنانية، فيما اعتبرتها إسرائيل مناطق تقع ضمن أراضيها. وتبلغ مساحة "مناطق التحفّظ"، بحسب المفهوم اللبناني، 13 نقطة تمتدّ على مسافة 114 كلم، التي هي طول الخط الأزرق الممتدّ من منطقة شبعا حتى الناقورة.
أبرز هذه النقاط مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر وجزء من أطراف مستعمرة المطلة، وخلة المحافر في بلدة العديسة ورميش والنقطة B1 في رأس الناقورة، إضافة إلى 10 نقاط صغيرة على امتداد الحدود.
إنّ قوات اليونيفيل الدولية لا تأخذ بتصنيف لبنان لهذه النقاط، بل تعتبر أن إسرائيل انسحبت على الخط الأزرق، وأنّ مصطلح "تحفظ" يعني لبنان فقط، وبالتالي أي تحرك في هذه النقاط من قبل إسرائيل لا تعتبرها اليونيفيل خرقًا للقرار 1701، بينما تعتبرها خرقًا اذا دخلها لبنانيون.
السّياج التّقني
السياج التقني هو سياج مجهّز بوسائل مراقبة إلكترونية متطورة، بناه الجيش الإسرائيلي بمحاذاة الطريق الذي تسلكه دورياته على طول الخط الأزرق. وهو يتطابق مع الخط الأزرق في بعض الأماكن ويخرقه في عدد من النقاط.
لا يوجد على الخط الأزرق سياج في الكثير من الأماكن، لذلك تستطيع إسرائيل التحرك خارج السياج التقني في المنطقة الخالية التي تفصله عن الخط الأزرق، وتصل قواته إلى الخط الأزرق وعلى تماس مباشر مع المواطنين أو الجيش اللبناني، مع إمكانيّة وقوع انزلاق أمني أو اشتباك مباشر.