"الحد من تغير المناخ ممكن. إذا بدأنا العمل الآن"، تلك هي النتيجة التي توصل إليها تقرير الأمم المتحدة الصادر بعنوان "دحض الخرافات حول المناخ والطاقة" والمنشور عبر موقعها، حيث طالبت المنظمة العالمية الجميع باتخاذ إجراءات مناخية.
وتبرز هذه الآمال والتوجهات العالمية، أهمية الدورة الحالية من مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "cop28"، الذي تستضيفه الإمارات في مدينة "إكسبو دبي" خلال الفترة من 30 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 12 كانون الأول/ديسمبر من العام الجاري، حيث يترقب العالم خلال "cop28" الإعلان عن تنفيذ حلول فاعلة، لمواجهة أزمة التغير المناخي الذي تتسارع أضراره في مختلف مناطق الكوكب.
وأشار تقرير "دحض الخرافات بشأن المناخ والطاقة" إلى أنّ "الإختيارات التي نتخذها اليوم ستحدد التغيرات المناخية التي سنشهدها في المستقبل. فالتخفيضات الكبيرة والمستدامة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من انبعاثات غازات الدفيئة من شأنها أن تحد من تغير المناخ. إذا بدأنا العمل الآن، فسوف نتمكن من الحد من تغير المناخ والحفاظ على كوكب صالح للحياة".
كما قدم التقرير عددًا من الحقائق المتعلقة بالمناخ والطاقة، مؤكدًا أنّ "التغيرات الطبيعية في نشاط الشمس أو الإنفجارات البركانية الكبيرة تسببت في حدوث تحولات قديمة في درجات حرارة الأرض وأنماط الطقس، ولكن على مدى القرنين الماضيين، لم تؤثر هذه الأسباب الطبيعية بشكل كبير على درجات الحرارة العالمية".
وأوضح، أنّ "حرق الوقود الأحفوري يؤدي إلى خلق غطاء من التلوث يحبس حرارة الشمس على الأرض ويرفع درجات الحرارة العالمية التي تؤدي إلى تغيرات منها: الجفاف، وشح المياه، والحرائق الشديدة، وارتفاع منسوب سطح البحر، والفيضانات، وذوبان الجليد القطبي، والعواصف العاتية، وتدهور التنوع البيولوجي".
خفض الإنبعاثات
وفي نفس السياق، قال التقرير التجميعي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "IPCC" الصادر في آذار/مارس الماضي: "لقد ارتفعت درجات الحرارة بالفعل بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، نتيجة لأكثر من قرن من حرق الوقود الأحفوري (مثل النفط والغاز)، واستخدام الطاقة والأراضي بشكل غير متكافئ أو مستدام".
وتابع التقرير:" أدّى ذلك إلى زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة، التي تسببت في آثار خطيرة بشكل متزايد على الطبيعة والناس في كل منطقة من مناطق العالم. ويتعين خفض الانبعاثات الآن وتقليصها إلى النصف تقريبًا بحلول عام 2030".
واقترحت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ مفهوم "التنمية المقاومة للمناخ"، التي تتضمن دمج تدابير التكيف مع تغير المناخ مع إجراءات تقليل أو تجنب انبعاثات غازات الإحتباس الحراري بطرق توفر فوائد أوسع.
وخلص تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "IPCC" إلى أنّ :المخاطر المناخية ستصبح أكثر حدة في وقت أقرب مما كان متوقعاً في السابق، وسيكون من الصعب التكيّف مع زيادة الاحترار العالمي".
الغازات الدفيئة
من جهته، أفاد تقرير وكالة الطاقة الدولية الصادر في آب/أغسطس 2023 تحت عنوان "بيانات انبعاثات الغازات الدفيئة"، أنّ عام 2021 شهد انتعاش انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناجمة عن احتراق الوقود بنحو 6%، لتقترب من المستويات التي سبقت جائحة كوفيد-19.
ولفت التقرير إلى أنّ "الوقود الأحفوري في عام 2021 واصل تمثيل 80% من إجمالي إمدادات الطاقة على مستوى العالم، حيث يشكل النفط ما يقرب من 30%، يليه الفحم 27% والغاز الطبيعي 24%، ويهيمن الفحم على الانبعاثات العالمية الناجمة عن احتراق الوقود بنسبة 44%، يليه النفط 32% والغاز الطبيعي 22%، مضيفاً أن الصين والولايات المتحدة مسؤولتين معاً عن 45% من انبعاثات احتراق الوقود العالمية، يليهما الإتحاد الأوروبي، الهند والاتحاد الروسي واليابان".
وتضمن التقرير فهم مساهمات أنواع الوقود، والقطاعات المحددة في انبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة باحتراق الوقود من عام 1971 إلى عام 2021 لأكثر من 205 دولة و38 منطقة.
وفيات الإحترار
بدورها، أفادت منظمة الصحة العالمية في تقرير حول تغير المناخ أصدرته في تشرين الأول/أكتوبر 2023، بأنّ "الأبحاث الحديثة تشير إلى أن 3.6 مليار شخص يعيشون بالفعل في مناطق شديدة التعرض لتغير المناخ. وعلى الرغم من أن البلدان منخفضة الدخل والدول الجزرية الصغيرة النامية تساهم بقدر ضئيل جدًا في الانبعاثات العالمية، فإنّ هذه الدول تتحمل أقسى الآثار الصحية".
وبينت المنظمة العالمية، أنّ أزمة المناخ تهدد بنسف التقدم الذي أُحرز على مدى الأعوام الخمسين الأخيرة في مجالات التنمية والصحة العالمية والحد من الفقر، وتهدّد أيضًا بزيادة توسيع أوجه التفاوت في الصحة في أوساط الفئات السكانية وفيما بينها".
ونوهت إلى أنّ "أكثر من 930 مليون شخص ــ نحو 12% من سكان العالم ــ ينفقون 10% على الأقل من ميزانية أسرهم من أجل تغطية تكاليف الرعاية الصحية. ولما كان معظم أفقر الناس لا يستفيدون من تأمين طبي، فإن الصدمات والضغوط الصحية تدفع بالفعل قرابة 100 مليون فرد إلى براثن الفقر كل عام، مع تفاقم هذا الاتجاه نتيجة لتأثيرات تغير المناخ".
التزايد السكاني
وأشارت تقارير أممية إلى "تفاقم أضرار المناخ بصورة متسارعة وغير مسبوقة نتيجة ارتفاع درجة حرارة الكوكب خلال الـ150 عامًا الماضية، بفعل الثورة الصناعية والنشاط البشري المتزايد وتزايد التعداد السكاني من مليار نسمة في عام 1900 إلى ملياري نسمة في عام 1950 وأكثر من 8 مليارات نسمة حاليًا".
وفق بيانات الأمم المتحدة، أظهر علماء المناخ أنّ "البشر مسؤولون فعليًا عن كل الإحترار العالمي على مدار الـ 200 عام الماضية، إذ تتسبب الأنشطة البشرية مثل تلك المذكورة أعلاه في حدوث غازات الدفيئة، التي تعمل على ارتفاع درجة حرارة العالم بشكل أسرع من أي وقت في آخر ألفي عام على الأقل".
الوعد السنوي
في سياق متصل، تصدر الوفاء بالوعد السنوي بتقديم 100 مليار دولار للدول النامية من أجل العمل المناخي، خطة التسريع 2023 لمواجهة التغيرات المناخية، التي وضعها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ضمن ستة إجراءات حاسمة، وفقاً لما أورده موقع الأمم المتحدة تحت عنوان:" التمويل والعدالة".
وأوضح تقرير الأمم المتحدة، أنّ معظم انبعاثات الغازات الدفيئة تأتي من الدول الأكثر ثراء فالدول الفقيرة، لم تصدر تاريخيًا سوى حصة صغيرة من إجمالي الانبعاثات، مشيرًا إلى أنّ "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لعام 1992، مهدت الطريق لتحقيق العدالة المناخية من خلال تبني المبدأ التاريخي مسؤوليات مشتركة، ولكن متباينة".
ومنذ عام 2009، أفضت المحادثات العالمية بشأن المناخ إلى الإتفاق على تعبئة 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية لاتخاذ إجراءات مناخية، سواء للتكيف مع تغير المناخ أو خفض الانبعاثات.
واستنادًا إلى بيانات أولية أعلنتها منظمة التعاون والتنمية في تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، انّه من المرجح أن هدف حشد 100 مليار دولار تم تحقيقه بالفعل اعتبارًا من العام 2022، وهو أقل بكثير من احتياجات الاستثمار المناخي الفعلية للدول الفقيرة، والتي قد تصل بحلول عام 2025 إلى تريليون دولار سنويًا.
واستهدف البند الأخير من خِطَّة التسريع 2023 لمواجهة التغيرات المناخية، حماية جميع الناس من الكوارث المناخية من خلال أنظمة الإنذار المبكر، إذ أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال مشاركته في "cop27"، حملة لتغطية الكوكب بهذه الأنظمة خلال السنوات الخمس المقبلة على أبعد تقدير، لافتًا إلى أنّ "هذا التوجه أصبح ممكناً أكثر من أي وقت مضى حيث إنّ 75% من الأشخاص لديهم هواتف محمولة و95% يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، وقدرت اللجنة العالمية للتكيف أن الإشعار بوقوع كارثة وشيكة قبل 24 ساعة يمكن أن يقلل الضرر بنسبة 30 %".