كان لافتا في زيارة رئيسة وزراء ايطاليا جورجيا ميلوني اقتصار لقاءاتها على اجتماع مع نظيرها اللبناني نجيب ميقاتي، وعدم عقد لقاءات مع قيادات لبنانية أخرى رسمية أو سياسية أو دينية، كما درجت العادة عند زيارة مسؤول غربي أو عربي رفيع المستوى إلى لبنان.
أما في رسائل الزيارة، بحسب مصدر لبناني واسع الاطلاع، فتمثلت في الآتي:
أولا: إبلاغها الرئيس ميقاتي أن الأولوية هي سلامة قوات الطوارئ الطولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) لاسيما الكتيبة الإيطالية، والتي تعتبر ثاني أكبر كتيبة مشاركة في هذه القوات، لذلك أمضت الوقت الأكبر من زيارتها في بلدة شمع الجنوبية حيث مقر كتيبة بلادها، واطلعت عن كثب على كل المجريات الميدانية والمخاطر المحدقة والإجراءات الاحترازية والحمائية.
ثانيا: تأكيدها على وجوب التزام لبنان الفوري وغير المشروط بتنفيذ القرار الدولي 1701، وأن على لبنان مسؤولية المبادرة إلى وقف إطلاق النار عبر الجبهة الجنوبية وعدم انتظار مآلات جبهة قطاع غزة، وبالتالي يمكن قراءة موقفها على انه رسالة تحذير دولية إضافية للبنان تضع كرة اطفاء نيران الحرب وعدم توسعتها في ملعبه.
ثالثا: استحوذ ملف النزوح السوري والهجرة غير الشرعية على حيز مهم من المحادثات، فملف الهجرة يشكل صداعا دائما لدول الاتحاد الأوروبي، من هنا كان حرصها على أهمية الحفاظ على الاستقرار في لبنان والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لانتظام عمل المؤسسات الدستورية، مع إبداء الاستعداد لمساعدة لبنان في التخفيف من أعباء النزوح، على أن يتم طرح أولوية دعم لبنان في مؤتمر بروكسل للنزوح الذي سيعقد في 27 مايو المقبل.
رابعا: تجديد التأكيد على الاستمرار في دعم الجيش اللبناني لتمكينه من القيام بكامل مهامه على جميع الأراضي اللبناني، وان ايطاليا كانت السباقة في احتضان الجهود الرامية إلى مساعدة ودعم الجيش من خلال أكثر من مؤتمر واجتماع، وان الاجتماع الأخير لعدد من قادة الجيوش في الدول الأوروبية بحضور قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون لن يكون الأخير، وهناك آلية متابعة لتنفيذ ما اتفق عليه.
وفي السياق نفسه، جاءت الرسائل التي أبلغها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي إيثان غولدريتش والسفيرة ليزا جونسون في خلال لقاءاتهما التي عقدوها مع المسؤولين اللبنانيين، إذ كان صريحا لجهة الخشية من التصعيد الدراماتيكي على الجبهة الجنوبية، وعلى الرغم من إشارته إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تمارس ضغوطا على إسرائيل حتى لا توسع الحرب مع لبنان، إلا أن غولدريتش لم يعط تطمينات من عدم تدحرج الأمور إلى حرب واسعة، لا بل فهم من سياق حديثه ان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات، واللافت هذا التقاطع مع رئيسة الوزراء الإيطالية، عندما وضع كرة التهدئة في الملعب اللبناني، داعيا إلى مبادرة لبنان لوقف الحرب التي بدأها في 8 أكتوبر وعدم ربط الهدوء بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لأن ذلك ليس من مصلحة لبنان على الإطلاق.