رؤية 2030 ومسارات النهضة الموازية

تعتبر رؤية 2030 نقطة تحول اقتصادي نحو الاستدامة في الموارد، وهو تحول ينقل الأمة من الدخل الريعي إلى الدخل المستدام وبكل المقاييس يعتبر هذا التوجه هو التوجه الذي تبنى عليه مصائر الأمم.

و أنا هنا أفترض أن هناك نهضة نحو المستقبل تسير بنا في أكثر من مسار لكي تكون مواكبة لرؤية 2030، وأعني هنا الرؤية الثقافية والرؤية الاجتماعية وحتى أكون واضحا في هذا الطرح فالرؤية التي يجب أن يتبناها المجتمع ويوطن نفسه عليها هي أن يكون شريكا فعالا لرؤية 2030 من خلال نهضة الوعي الجمعي وتبنيه لأهداف الرؤية.

ولنأخذ مثالا على ذلك الجانب الرياضي الذي وهو جانب لصيق بحركة المجتمع وتطلعاته الفعالة، وهذا المجتمع ينتظر من رجال الأعمال أن يساهموا أكثر في نهضة الرياضة وتوطين السعي نحو النجاح والفوز فمرحلتنا التنموية لا تسعى نحو المصادفات ولا المغامرات وإنما هي تسعى نحو نجاح خطط له لكي يستوطن قلوبنا قبل أن يستوطن مساعينا نحو المغالبة وهذا هو الواقع فالشعور بالمواطنة والانتماء والمسؤولية هو الذي يصنع العمق الاستراتيجي لاستدامة الرؤية وأهدافها.

وعليه فيجب أن نعي أننا في مرحلة تحولات كلية شاملة النظر فيها بجميع ما كان يثقل الظهر التنموي، وسوف أمثل بأمر يسير شكلا ومهم وخطير مضمونا ففي أيام معرض الكتاب الذي أقيم في جامعة الملك سعود كان بعض باعة الكتب يلحون على الزبائن أن يتعاملوا معهم وأن يسدد ثمن الكتاب نقدا لا بالبطاقة والسبب حرصهم على التهرب من الضريبة وهذه الحالات ليست في معرض الكتب، وإنما هي موجودة عند بعض ضعاف النفوس من الوافدين؛ لهذا يجب

التحول إلى نقطة وعي شاملة ومؤثرة في العطاء الاجتماعي، إن رؤية النهضة ليست مسارا منعزلا عن حراك الأمة ومتطلباتها وطموحها؛ بل هي رؤية تكاملية على جميع الأصعدة فرجل الشارع له علاقة فعل وانفعال بها وكذلك المجتمع. وعليه فلا يجب أن نهمل المسار الاجتماعي التوعوي والمسار الثقافي.

وكما رددت كثيرا أن الكثير من أصحاب الأموال لم يقدموا أي خدمة تذكر لمجتمعهم الذي كان له دور فعال في نماء ثروتهم. ونحن في هذه الفترة نشهد حراكا شبابيا إيجابيا واعيا نحو خدمة مجتمعهم وهو أمر يبشر بخير كثير ويدل على الوعي بأهمية خدمة المجتمع، وكثير من هذه الجهود الفردية المباركة يتم من خلال التشجير، أو المساعدات الإنسانية في المستشفيات، أو الخدمات المساعدة للمحتاجين وجميع هذه الجهود لشباب يبشرون بخير كثير وبنهضة الأمة. ولكم يتمنى الفرد منا أن تكون هذه الأفعال الفردية الواعية فعلا اجتماعيا شاملا يأخذ على عاتقه إكمال جميع النواقص وإصلاح جميع الإخفاقات.

ولعل مؤسسة مسك الخيرية خير مثال على المؤسسة الواعية بدورها النهضوي المستقبلي والتي تلبي الكثير من طموحات الشباب ورؤاهم، ولكم يتمنى الإنسان أن يكون لدينا أكثر من مؤسسة على مثال هذه المؤسسة الواعية والفعالة إن المرحلة القادمة تحتاج إلى تكاثف الرؤى والنهوض الفعال نحو المستقبل.

ملخص ما أريد قوله إنه يجب أن يكون هنالك وعي بأننا أمة تسير نحو المستقبل بكل ما تعني هذه الكلمة من دلالة والمسير نحو المستقبل يتطلب منا انسجاما فكريا وتقنيا مع شروطها وأفكارها، فلا يمكن أن نسعى للمستقبل القادم بأدوات الماضي وشروطه وإنما السعي نحو المستقبل يتطلب وعيا اجتماعيا بشروط المستقبليات، ولكم أتمنى أن يكون لعلماء الاجتماع دور في دراسة ظاهرة المستقبليات العالمية ومدى انعكاسها على شبابنا ومدى تفاعلنا مع هذه المستقبليات ودورها في النهضة المنشودة.

يقرأون الآن