"الاستقطاب والتجنيد" هى المرحلة المعنية باختيار إرهابى ملهم، وهى تطول أو تقصر حسب العضو المستهدَف، وتبدأ بجذب الشخص الهدف بعد معرفة البروفايل النفسى له بعمق.فى حزمة من الأوراق، كتبها المنظر الجهادى المعروف باسم "عبدالله العدم"، أوضح القواعد والأسس الواجبة لاختيار المجندين بالتنظيمات الإرهابية، وكيفية برجمة عقولهم، وفق أدبيات التنظيمات الجهادية، أو كما يسميها فى أوراقه (التنظيمات التى تستهدف جعل كلمة الله هى العليا، وتأسيس دولة الإسلام على أنقاض الدول الكافرة)، وأولها إيجاد صلة مع الشخص المستهدف تجنيده، ثم إيقاظ الإيمان المخدّر فى قلبه "حسب كلام الجماعة".
والمرحلة الثانية هى توضيح معنى شمولية الإسلام، والمرحلة الثالثة هى إبراز أن الإسلام دين جماعة وليس ديناً فردياً، وفى المرحلة الرابعة إدخال مفاهيم أنه لا بد من وجود جماعة للحكم بشرع الله، ولا بد من إيصال ذلك إلى عقل المستهدف.أما المرحلة الأخيرة فهى تبيين أن التنظيم هو الجماعة الشاملة لمعانى الإسلام، والتى يمكن أن تقيم شرع الله.
يقول "العدم": (يعرض قيادات التنظيم على العضو المستهدف مادة فيلمية، أو مادة من موقع على الإنترنت، كوسيلة للتجنيد، وبعدها يجب أن يخضع المرشح لاختبارات متعدّدة، ومن هذه أن يأتى له الإخوة بمادة فيلمية لعملية "جهادية" ومن ثم يتمعّنون تعبيرات وجهه، بينما هو يشاهدها، وهذه خطوة بالغة الأهمية، فأمام مشهد لعملية "جهادية" لا يمكن أن يكبح المرء مشاعره).
فى المرحلة الأخيرة يتم عزله عن البيئة التى قد تؤثر عليه سلباً، ثم تبدأ الدورات الفكرية، وبعدها تبدأ المرحلة الثالثة، التى يتم فيها التصنيف إلى (مقاتل، متخصّص، انغماسى، انتحارى).
وهى التى أطلق عليها (الناقل والمضافات)، حيث يتم فيها إحكام السيطرة على الشاب المستهدَف، بإبدال الوثائق الرسمية له بوثائق مزورة، واستبدال اسمه بكنية، وبنسيان هذا الشاب اسمه ينسى معه كل الذكريات، التى كانت فى بلده، وهذه الطريقة ما هى إلا أسلوب من أساليب غسل الأدمغة.
يمكننا تلخيص خطوات التجنيد بعدة مراحل وفق ما ورد فى "الموسوعة الجهادية": (الأولى: التعارُف والاختيار، على أسس الأخلاق الأساسية: كأن يكون شجاعاً، واضحاً وكريماً، إيجابياً ولا يحب الثرثرة، عنده روح المساعدة، والأخلاق الإسلامية: مواظب على العبادة، عليه سمت الالتزام بالتديّن، والتميّز، كأن يكون صاحب ذهن خالٍ من أى فكر معادٍ، وأن يكون قريباً أو صديقاً قديماً، على سبيل المثال، أو قريباً من السن نفسها، أو قريباً من السكن، ويتميز بالاستقرار كالتماسك العائلى، والظروف الماديّة)، والثانية: التقارب، ومدتها تقريباً 3 أسابيع، وتسير على محورين: الأول: التقرب إليه بأعمال يومية، والثانى: التقرب إليه بأعمال أسبوعية، ومن أمثلة ذلك: أن يكونا فى العمل معاً، أو الجامعة، فيذهب معه يومياً، أو أن يذهبا للصلاة فى مسجد معيّن يوميّاً، وأن تتصل به هاتفياً أو ترسل إليه رسالة دعوية جميلة على الجوّال.
كما أن من أمثلة الأعمال الأسبوعية بأن تزوره فى بيته، سواء للسؤال والاطمئنان عليه، أو أن تحرص على أن تقضى له شيئاً من حوائجه فى هذا الأسبوع، أو أن تدعوه إلى غداء، أو إلى إفطار، حتى تزيل الفوارق، وفى هذه الخطوة يبدأ عضو التجنيد التحدّث مع المستهدف فى أمور الإسلام، وتحبيبه فى أمور الطاعة الإيمانية، كما يتعرّف على اهتماماته وعلاقاته بالنّاس، وكيف يقضى الـ24 ساعة كاملة، أى أنّه يدرسه أمنياً حتى يطمئن على اختياره.
يقوم أعضاء "التنظيم" عقب الخطوة الثانية باستبيان نهاية المدّة ويظهر حسن اختيارهم للعضو المستهدف بالتجنيد، وإذا كانت الإجابة بـ(لا) يأخذ المجند درجة واحدة، وإذا كانت الإجابة بـ(أحياناً) يأخذ درجتين، إذا كانت الإجابة بـ(نعم) يأخذ ثلاث درجات.أما الخطوة الثالثة: إيقاظ الإيمان، ومدتها من شهر ونصف إلى شهرين، وممكن أكثر.
وفى هذه المرحلة، يتكلم المجنِّدون (بكسر النون) عن الجهاد، وفلسطين لأنها قضية لا يختلف عليها أحد، كما يحرصون على أن تكون الشخصيات الجهادية من الممكن أن يقابلها المستقطب فى هذه المرحلة، سواء فى إصدارات أو خطب أو غيرها، ورابعاً: خطوة زرع المفاهيم، ومدتها شهران وممكن أن تزيد، والمفاهيم المطلوب ترسيخها فى هذه المرحلة هى فرضية الجهاد ووجوب الإعداد، والولاء والبراء، عبر عدة وسائل: مشاهدة الإصدارات الجهادية، وإشراكه فى أحد المنتديات الجهادية، ومشاركته فى الدعوة على الإنترنت، والقراءة من المكتبة الجهادية، وفى هذه المرحلة يتم معرفة هل رسخت عند المستهدف المفاهيم الجهادية؟
وهل ظهر احترامه وتوقيره للرموز الجهادية؟ وهل ظهرت عليه بوادر الفكر الجهادى فى حديثه وعلاقاته؟، والخطوة الأخيرة (تكوين السرية): حيث يتم ضم الأعضاء الجدد بعد التأكد ممن وصل إلى اقتناع بأهم مبادئ الفكر الجهادى، مع وجود رغبة صادقة فى الجهاد عنده، وأهم سمات هذه المرحلة، أن يتم إضفاء الطابع الحركى عليه.
هناك دستور فى طريقة التجنيد الخفى، (وفق أسلوب مستوحى من الفكرة الجهادية القديمة، وهى "مؤمن آل فرعون"، وغالباً ما يكون فرداً واحداً يمثل الخلية، أو عدداً لا يزيد على خمسة لا يُعرفون بأسماء صحيحة، ويتعاملون بأسماء حركية، وإذا ما نفّذوا عملياتهم جمدوا وسكنوا كما كانوا من قبل، وهذا مبدأ شبيه بالتقية لدى الشيعة، مع تعديلات تناسب الظروف الجديدة والتطورات، بحيث يتم زرع أو تجنيد شخص داخل الأوساط الفاعلة فى الدولة أو الأجهزة المستهدفة ليمارس عملية واحدة نوعية، وهذه الطريقة هى "عمل الذئاب"، أى مجرد شخص يتلقى التعليمات لتجنيد شخص سيقوم فى ما بعد بتنفيذ عملية بعينها، ثم يظل ساكناً فى مكانه ولا يرتبط بكيانات جهادية أخرى تسعى للتدريب فى الصحراء، ولا يمكن تتبعه أو رصده، وإذا تم إلقاء القبض عليه لا يستطيع الكشف عن أى معلومات أخرى، وهو شخص له مواصفات، أولاً: هيئته يجب ألا تكون إسلاميّة، وألفاظه غير دينية، ولا بد من وجود غطاء مسبق لوجوده فى أى مكان أثناء تحركه).