إذن، وبوضوحٍ شديدٍ، ومن غير لفٍّ أو دوران، لا تنتظروا إصلاحات ديمقراطية ولا حلاً للأزمات السياسية التي ما أن تنتهي واحدة حتى تحاصرنا واحدة جديدة، ولا تطمئنوا لأن الإعلام يزعج بعض المسؤولين ويلاحقهم بالأسئلة، فهذا كله في نظر المسؤولين مجرد " حجي جرايد " .
هذا هو المعنى المباشر والصريح الذي فهمته وأنا أقرأ الخبر الذي يقول إن القضاء أصدر أمراً بإلقاء القبض على نور زهير .. هل تعتقدون أن هذه نكتة؟ لا ياسادة فالسيد نور زهير وهو يتمتع بإجازته في بيروت وجد أن لا وقت لديه لحضور المحاكمة، ورغم أنني مواطن لا ناقة لي ولا جمل في لغة القوانين ، لكني أعرف أن المتهم بسرقة مال عام لا يمكن أن يخرج بكفالة ، إلا ان القاضي ضياء جعفر أخبرنا مشكوراً في لقاء على إحدى الفضائيات أنه شخصياً من أفرج عن نور زهير بكفالة مالية .. وحذرنا القاضي من دس أنوفنا في شؤون القضاء إن " موضوع استرداد الأموال مو سهل مثل ما يتصور الناس والإعلام ".
وحتى لا أضع القراء في حيرة سأورد نص الفقرة " ب " من المادة 321 من قانون العقوبات العراقي والتي تنص على أن "المتهم بسرقة المال العام حتى وإن حكم عليه بالسجن وقضى مدة محكوميته ، لا يطلق سراحه ما لم تسترد منه الأموال المختلسة ". وتضيف الفقرة أن أمثال نور زهير " يستثنى من أحكام الإفراج الشرطي، ولا تطبق بحقه قوانين العفو العام ولا قرارات تخفيف العقوبة " .
وبعيداً عن القرارات الجديدة التي أصدرها القضاء باعتقال نور زهير من جديد ، ومنح الكفيل 13 يوماً لإحضاره إلى المحكمة ، وبعيداً عن البيانات الوردية حول سلطة القانون ومحاربة الفساد وإشاعة النزاهة والشفافية، فان خطورة ما جرى في قضية نور زهير، تكمن في أن الناس لا يمكن لها بعد ذلك أن تثق بقرارات ق تتعلق بالفساد، فضلا عن أن هؤلاء الناس أنفسهم يدركون جيداً خطورة أن يخضع القضاء لتأثيرات جهةات معينة.. لأن الراسخ في أذهان العراقيين أن أولى بشائر الديمقراطية تكمن في تشكيل قضاء يقف إلى جانب الصدق والحق والعدل. وأن الناس تتوقع أن يساهم القضاء في مساعدتهم على دخول المستقبل، وبناء دولة حديثة تمنح حق التعدد السياسي والثقافي، دولة تقوم على أساس حق المواطنة لا حق نور زهير وعصابته، وعلى العدالة والمساواة لا على توزيع قرارات إطلاق السراح بين الحيتان .
وقديماً قال الفيلسوف جون لوك؛ حينما تنتهي سلطة القانون تبدأ سلطة الخراب.