في حيادية تامة بين الجيش والدعم السريع في السودان الشقيق أكتب صادقاً في قولي بأن الخيار الوحيد لإيقاف نزيف الدم الآن لن يتحقق ولدى السودان جيش ودعم سريع مواز للجيش، وإن حسم الصراع لصالح الدولة والشعب إنما يتحقق بدمج المؤسستين العسكريتين في جيش واحد.
لا يهم من سيتولى قيادة الجيش، ومن يكون مسؤولاً عن القوات المسلحة، فهذا موضوع تتم معالجته ضمن التشكيلات الجديدة، وإناطة مسؤولية التعيينات للجان يتم الاتفاق عليها من أهل الخبرة والاطمئنان والقبول من جميع الأطراف.
المهم أن يكون للسودان جيش واحد، وقيادة واحدة، ويتم القضاء على هذا التشرذم، وتنازع الاختصاصات، والبعد عن أي تنظيمات تقود إلى إشعال الحروب، وإضعاف الجيش وإعاقته عن ممارسة دوره، مثلما يحدث الآن، وقد يكون الوضع مرشحاً لما هو أسوأ في المستقبل إذا بقي الحال على ما هو عليه.
وأي قوة، وأي تشكيل عسكري خارج منظومة القوات المسلحة، هو بمثابة قنبلة جاهزة للانفجار، ومهددة للأمن، وسوف تتكرر المرة تلو الأخرى، خاصة إذا ما لعبت دولٌ أجنبيةٌ أدواراً خفية في دعم الخلافات، وتهريب الأسلحة إلى الداخل السوداني لتحقيق مصالحها في نزاعات عسكرية بين السودانيين.
ومن المهم أن يتوقف القتال نهائياً وفوراً، وتتاح الفرصة للدبلوماسية والحوار، وصولاً للمصالحة، ومن ثم البدء في توحيد القوى العسكرية في جيش واحد، وإنهاء الثارات والخلافات والأطماع والمواجهات العسكرية التي دمرت وقتلت وجرحت أعداداً من المدنيين والعسكريين دون مبرر أو سبب معقول.
هناك خوف إذا ما استمرت المواجهات العسكرية، ورفض الجانبان القبول بإيقاف إطلاق النار، أن تدخل أطراف أخرى من القبائل ضمن عناصر هذه الحرب، وأن تتدخل دولٌ أجنبية في هذا الصراع، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فهناك حسابات ومصالح تدفع نحو توسيع رقعة القتال.
مع أن هذه الحرب لا تخلو حالياً من وجود تدخلات أجنبية داعمة لهذا الفريق أو ذلك، بالمال والسلاح، بل ربما يكون هناك عناصر غير سودانية تشارك في القتال، ومن مصلحتها أن يظل الوضع في السودان على ما هو عليه، والخوف أن يتسع هذا التدخل إلى أكثر مما هو عليه الآن إذا ما استمر القتال.
ما نتمناه، ونرجوه، ونتطلع إليه، أن تسكت أصوات آلات الحرب التي تقتل الأبرياء، وتعرِّض البلاد إلى هدم وإزالة للمباني والمؤسسات والبنى التحتية، بينما هناك فرصة للتفاهم على ما يجنَّب السودان مزالق هذه الحرب المجنونة، وآثارها المدمرة.
والمطلوب من الدول العربية الشقيقة والصديقة والمحبة للسودان بذل كل جهد ممكن لمساعدة أطراف النزاع في نزع فتيل القتال، وتوجيههم إلى طاولة الحوار، بعد أن وصل النزاع إلى ما وصل إليه من تدمير وقتل، وعدم التوافق بالتفاهم على ما يجنِّب السودان ويلات هذه الحرب.
الجزيرة السعودية