تعاونت روسيا وإيران في نقل الأسلحة عبر سوريا قبل سقوط الأسد، وفقًا لتقرير نشرته "بي بي سي".
وأشار التقرير إلى أن العمليات شملت استخدام مطار حميميم العسكري، الذي تديره القوات الروسية، كخط رئيسي لنقل الأسلحة. كما تم الاعتماد على طرق برية لإيصال الشحنات إلى حزب الله في لبنان.
وأوضح التقرير أن وسائل إعلام روسية بثت مقاطع فيديو تظهر شحنات قادمة من إيران عبر طائرات تابعة لشركة "قشم فارس إير"، حيث تم تفريغ أكياس كبيرة زُعم أنها مساعدات إنسانية. ومع ذلك، أشارت المعلومات الاستخباراتية إلى أن هذه الشحنات ربما احتوت على أسلحة، خصوصًا بعد استهداف أحد المستودعات بالقرب من قاعدة حميميم العسكرية بغارة إسرائيلية، أسفرت عن انفجارات ثانوية.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مطلع على مجريات الأمور في قاعدة حميميم، طلب عدم الكشف عن هويته، قائلا إن "الجميع يعلمون أن البطانيات يمكن أن تنفجر أيضًا".
وأضاف المصدر، ردا على سؤال حول ما إذا كانت إيران تشحن الأسلحة باستخدام القنوات العسكرية الروسية المسؤولة عن توزيع المساعدات: "ماذا تتوقعون مني أن أقول؟ لقد انفجرت تلك البطانيات بقوة لدرجة أنها كادت تقضي على حميميم بالكامل".
وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط، نيكيتا سماغين، إن "حميميم لم تكن المركز الرئيسي لعبور الأسلحة الإيرانية إلى لبنان، إذ كانت تعتمد إيران على ممرات لوجستية برية تعرضت لضربات إسرائيلية متكررة".
وأضاف سماغين أن "معظم الشحنات التي مرت عبر هذا الممر وصلت إلى سوريا ولبنان، لكن ليس عبر القواعد العسكرية الروسية"، مشيرًا إلى أن هذه القواعد قد تكون استخدمت بشكل محدود في السابق، لكنها قد تكتسب أهمية أكبر بعد التغيير في القيادة السورية.
وأكد سماغين أن "إيران فقدت تقريبًا كل نفوذها في سوريا بعد سقوط الأسد، ما يعني أن البلاد خرجت من دائرة سيطرتها". وأضاف: "من الناحية النظرية، لا يزال من الممكن أن تمر شحنات قليلة عبر حميميم، لكن إذا سمحت روسيا بذلك، فقد تتراجع فرص توصلها إلى اتفاق مع السلطات السورية الجديدة بشكل كبير".
من جهتها، قالت العقيد المتقاعدة في جيش الاحتلال الإسرائيلي والمتخصصة في شؤون المخابرات الحربية، ساريت زهافي، إن "إسرائيل لاحظت لأول مرة وجود طائرات إيرانية تُستخدم في نقل الأسلحة عبر قاعدة حميميم الجوية في أوائل عام 2023".
وأضافت زهافي أن "إسرائيل استهدفت مطارات أخرى في سوريا، مثل مطاري دمشق وحلب، ما دفع إيران للبحث عن بدائل". واعتبرت أن "هبوط الطائرات الإيرانية في قاعدة حميميم قد يكون جزءًا من استراتيجية إيرانية لاستغلال الوجود الروسي كدرع بشري ضد أي هجوم إسرائيلي".
وأفادت مصادر استخباراتية غربية بأن "معظم الأسلحة الروسية التي عُثر عليها في لبنان وصلت إلى هناك بمعرفة الجيش السوري في عهد الأسد". وقال مصدر مخابراتي، تحدث لـ"بي بي سي" شريطة عدم الكشف عن هويته، إن "الأسلحة الروسية التي وصلت إلى حزب الله كانت تمر عبر الجيش السوري، الذي كان يتمتع بعلاقات وثيقة مع الجماعة".
وكشف تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، استنادًا إلى مصادر مجهولة، أن "بعض صواريخ كورنيت التي عُثر عليها في جنوب لبنان صُنعت عام 2020، وكانت جزءًا من مخزونات الأسلحة الروسية في سوريا".
وأضاف التقرير أن "القيادة العسكرية الإسرائيلية كانت تعتقد سابقًا أن حزب الله يمتلك مخزونا قديما من الحقبة السوفييتية فقط".
وأشار نيكيتا سماغين إلى أن "نظام الأسد كان يزود حزب الله بالأسلحة الروسية حتى سقوطه، ومن ثم كانت هذه الأسلحة تُنقل إلى لبنان".
وأوضح سماغين أن "روسيا ربما كانت على علم بأن هذه الأسلحة تُهرب، لكن قد يكون ذلك بسبب عجزها عن منع ذلك، أو عدم توافر الإرادة للقيام بذلك".
وأشار سماغين إلى أنه "حتى عام 2022، كانت روسيا تحرص على علاقتها مع إسرائيل، ولم تكن تسمح بإمدادات الأسلحة لحزب الله علنًا". وأضاف: "لكن الوضع تغير بشكل ملحوظ وأصبح رأي إسرائيل أقل أهمية بالنسبة لموسكو".
وخلص التقرير إلى أن حزب الله كان حليفًا رئيسيًا لنظام بشار الأسد، وتعاون مع القوات الروسية في سوريا. ولكن الضربات الإسرائيلية القوية أدت إلى تقليص قدرة الحزب بشكل كبير.
وفي أعقاب سقوط الأسد، استهدفت إسرائيل بسرعة المستودعات العسكرية المتبقية في سوريا، حيث تشير التقارير إلى أن 80% من الترسانة السورية قد تم تدميرها.
وأضاف التقرير أن إيران تعيش في حالة عداء مع المعارضة السورية المسلحة التي وصل قائدها أحمد الشرع إلى سدة الحكم في دمشق. وأضاف التقرير أن السؤال الأهم يبقى حول مصير القواعد العسكرية الروسية في البلاد وكيف ستتمكن إيران من استغلال هذه القواعد في المستقبل.