أصبح تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية يتم بالقوة الإسرائيلية الغاشمة، يسبقه الإنذار للمواطنين الفلسطينيين بإخلاء منازلهم فوراً، وثم إقامة مستوطنات إسرائيلية مكانها، واحتلالها، تمهيداً لضمها إلى إسرائيل، بقرار من أمريكا وإسرائيل، وكل هذا يتم أمام صمت العالم، وتقبله لشريعة الغاب.
على الجانب الآخر يلوح الرئيس ترامب بإخلاء قطاع غزة من الفلسطينيين، وحين يسأل على أي أساس تأخذ بهذا القرار، يقول: إنه قرار أمريكي، وتعاضده إسرائيل، مرحبة بذلك، خاصة مع إعلان الرئيس الأمريكي بأنه سيتم تعمير القطاع، ولكن لن يعود إليه الفلسطينيون.
في موضوع الضفة الغربية يتحدث ترامب بأن ضمها إلى إسرائيل هو القرار الصحيح، فيما أن إسرائيل بدأت فعلاً في خطوات متسارعة لتسهيل الضم بعد تهجير الفلسطينيين إلى أجزاء من الضفة، على أن يتبع ذلك سيطرتها وإدارتها لكامل الضفة.
وفي شأن قطاع غزة، فهناك فوضى في كلام ترامب، وتناقضات لا يعرف المتابع أولها من آخرها، وما هو القرار النهائي بشأنها، تارة يقول: إنه سوف يشتريها، ويمنح جزءاً منها لمن يريد في المنطقة، وأنه سوف يطورها، ويجعلها ريفيرا الشرق، وأحياناً ينفي مبدأ الشراء، ولكن أمريكا سوف تستولي عليها، ولن يكون للفلسطينيين موضع قدم فيها.
يتحدث ترامب عن وجهة المهجرين الفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكداً على قبول مصر والأردن لهم، مع أن الدولتين استقبلا تصريحاته بالرفض لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، فضلاً عن أن يكون مكان تهجيرهم قطعة أرض في مصر وأخرى في الأردن.
الرجل يتحدث وكأنه يحكم العالم، ويتعامل مع القضية الفلسطينية وكأنها أرض بلا شعب، وبلا قرارات دولية فيها ضمانات لحقوق الشعب الفلسطيني، بما يوقف تهور الرئيس الأمريكي بطرح مثل هذه الأفكار.
لقد ظهر ترامب أكثر تشدداً واندفاعاً وتهوراً مقارنة بفترته الأولى، بل إنه في تصريحاته وتهديداته للفلسطينيين بدا وكأنه أكثر من الكيان الإسرائيلي تشدداً في حرمان الفلسطينيين من حقوقهم، رافضاً كل قرارات الشرعية الدولية كما هو موقف الكيان الإسرائيلي.
وإذا علمنا أنه يطالب بضم بنما وكندا إلى أمريكا وتغيير مسمى خليج المكسيك إلى خليج أمريكا، وأنه أخذ بقرار تنفيذي ضد المحكمة الجنائية الدولية لأنها أدانت نتنياهو على جرائمه في حرب غزة، ورفع الجمارك حتى على دول صديقة لأمريكا، وهي الدول الأوروبية، أدركنا أن الرجل يتحدث كما لو أن العالم كله تحت سيطرته ونفوذه.
لكن لا حظ أمامه ليقبل أهالي غزة بتهجيرهم إلى ما قال: إنها ستكون أماكن مريحة وآمنة، بدلاً من أرض غزة التي لم تعد صالحة للعيش بها، وبدلاً من قتلهم، وعدم وجود أمان لهم للعيش في القطاع.
هذا المساس بحقوق الشعب الفلسطيني، بهذه الصورة، ومن رئيس الدولة الأولى في العالم، ممن يفترض فيه أن يقود معركة لتحقيق السلام، لا تأزيم الوضع، وتأييد العدو الإسرائيلي لارتكاب هذه الجرائم بحق شعب تحت الاحتلال، هو سلوك غير مقبول، ولن يكون له نصيب من النجاح.
الجزيرة السعودية