إيران وخشبة الوساطة الروسية

أثارت وتثير زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العاصمة الإيرانية طهران كثيراً من الجدل وعلامات الاستفهام حول توقيتها وأهدافها وما يحمله الوزير من مقترحات إلى الجانب الإيراني "الحليف".

زيارة لافروف إلى طهران تأتي بعد أسبوع على لقاء القمة المصغرة التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض بين وزيري خارجية الولايات المتحدة ماركو روبيو وروسيا للتفاهم على جدول أعمال القمة الرئاسية المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين التي تأتي المسألة الأوكرانية في صدر أولوياتها.

ولا يخفي الطرف الروسي في هذه المفاوضات المروحة الواسعة من المواضيع التي ستوضع على طاولة اللقاء المرتقب بين الرئيسين، ومن ضمنها أزمة البرنامج النووي الإيراني واستقرار منطقة الشرق الأوسط الأمني والسياسي في ظل المعادلات الجديدة التي فرضتها التطورات التي شهدتها هذه المنطقة.

أن يكون الضيف الروسي حاملاً في جعبته مقترحاً للوساطة بين الولايات المتحدة وإيران هو احتمال غير مستبعد، وإن أصر الطرفان على نفيه أو عدم الحديث عنه، خصوصاً أن الأزمة النووية الإيرانية كانت محل بحث وتبادل آراء بين الرئيسين ترمب وبوتين في أول اتصال هاتفي بينهما، إضافة إلى احتلال هذا الموضوع حيّزاً من النقاش خلال القمة المصغرة بين وزيري خارجية البلدين في الرياض.

ومن المتوقع أن تتعامل القيادة الإيرانية عبر الحكومة وإدارتها الدبلوماسية مع مبادرة الوساطة الروسية بكثير من الإيجابية، وأن تقرأ بعناية ودقة التحولات الحاصلة في العلاقة بين الطرفين الروسي والأميركي وما يحاولانه من بناء توازن في المعادلات السياسية والأمنية والمصالح المشتركة بينهما وانعكاس ذلك على دول المنطقة، تحديداً إيران. بالتالي قد يكون على النظام الإيراني ومنظومة القرار فيه إعادة تعريف سلوكها السياسي والأمني على المستويين الإقليمي والدولي في ظل المعادلات الجديدة.

المبادرة الروسية تجاه طهران ربما تكون محاولة روسية لطمأنة الحليف الإيراني بعدم وجود أي نوايا للالتفاف عليه والتخلي عنه، بمعنى أن موسكو تسعى إلى إيصال رسالة لطهران من خلال وضعها في أجواء المفاوضات والمحادثات التي أجرتها مع الجانب الأميركي، بأنها لن تلجأ إلى عقد صفقة مع واشنطن على حسابها وأن تكون المكاسب التي ستحققها في أوكرانيا مقابل التخلي عنها في أزمتها مع واشنطن.

وعلى رغم المكاسب التي ستحققها موسكو من التقارب الحاصل بينها وواشنطن في المسألة الأوكرانية وحصولها على ضمانات بعدم إلحاق كييف بـ"ناتو" وما يعنيه ذلك من إبعاد التهديد من العمق الجيوستراتيجي والجيوسياسي لروسيا، فإنها في المقابل لا تزال بحاجة إلى تعميق علاقاتها وتحالفاتها مع الدولة الإيرانية نتيجة التداخل الكبير في كثير من المصالح الدولية والإقليمية التي تمتد على مساحة تبدأ بالقوقاز مروراً بوسط آسيا وصولاً إلى الشرق الأوسط.

أندبندنت عربية

يقرأون الآن