قول كلمة الحق والجهر بها علناً للقيادة السياسية في المحافل الدولية محل عز وفخر لولاة أمرنا، فالكويت منذ نشأتها تنتهج سياسة مبنية على ثوابت وترتكز على قيم ومبادئ لا تحيد عنها مطلقاً، ومنها نصرة الحق وبالأخص قضية فلسطين.
كلمة الفصل:
كلمة ممثل سمو أمير البلاد، سمو الشيخ صباح الخالد، في القمة العربية الطارئة غير العادية بالقاهرة نذكر منها:
- نجتمع اليوم في ظروف استثائية ومنعطف تاريخي غير مسبوق تجاه قضية العرب الأولى وهي القضية الفلسطينية، حيث أدت آلة الحرب للاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 15 شهراً إلى مقتل ما يقارب 50 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، وجرح أضعافهم، وتدمير كامل البنية التحتية لقطاع غزة، وبعد جهود دؤوبة تم ايقاف هذا العدوان.
- استمعنا إلى تصريحات وخطط يتم تداولها بشأن التهجير القسري للفلسطينيين! وهذا الطرح غير واقعي ولا عملي بل هو جريمة تطهير عرقي في حق شعب أصيل له كل الحقوق التاريخية والقانونية التي تمكنه من العيش على أرضه دون مساومة أو تنازل.
- على المجتمع الدولي القيام بمهمته الرئيسية بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ووقف المنهجية العدوانية الإسرائيلية ومنع أي محاولات لفرض واقع جديد عبر التهجير والتوسع الاستيطاني.
- لنتفق على أمرين رئيسيين:
الأول: الدعم الكامل للقضية الفلسطينية المركزية فهذا واجب ديني وعربي وأخلاقي.
والأمر الثاني لامجال للعودة لما كان عليه الحال في السابق.
- الكلمات والبيانات والمؤتمرات والقمم لن تجدي نفعاً إذا لم تنتج خارطة طريق قابلة للتنفيذ على أرض الواقع بملكية عربية فى المقام الأول.
- وحدتنا هي منارتنا التي نستهدي بها، وتعاضدنا يلهمنا القوة والرشاد.
- رفض تحميل دول المنطقة خاصة مصر والأردن والمملكة السعودية أي تبعيات جراء دعوات التهجير للفلسطينيين.
- المحاسبة أهم عناصر العدالة، وهذه الأعمال العدوانية تزداد بسبب غيابها.
- يجب أن تتخذ الدول العربية موقفاً قانونياً يحّمل الإسرائيلي مسؤولية إعادة بناء ما دمرته آلته الحربية، وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي لحقت بهم.
- ضرورة توحيد الصف الفلسطيني.
- دولة الكويت تؤمن بأن السلام لن يتحقق عبر القهر والإجبار، ولن يفرض من خلال القوة والتهجير، وتجدد موقفها التاريخيّ والثابت بأنه لا طريق للتقدم إلى الأمام إلا بسلام دائم وعادل من خلال ما تم إقراره والاتفاق عليه وفق القرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وصولاً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
صح لسانك يا سمو ولي العهد، بالفعل أثلجت صدورنا بتلك الكلمات الصادقة النابعة من إنسان درس الموقف ووضع الحلول وقال كلمة الحق، وقد عودتمونا بأنكم لا تخافون في الله لومة لائم.
ولست مبالغاً إن قلتُ بان هذه الكلمات متفردة بين جميع الكلمات التي ذكرت في القمة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على الإيمان بالقضية المحورية والمركزية التي تؤمن القيادة السياسة بها، وهكذا جبلت الكويت على كشف الحقائق ووضع النقاط على الحروف في الدفاع عن القضايا العربية دون مراءات ولا مجاملة، وهذا فخر لنا نحن الكويتيون بأن لنا قيادة حكيمة نعتز و نفتخر بها.
وأما ما يتردد من طرح المبادرة الأميركية الغريبة العجيبة والتي تدعو إلى التهجير القسري لشعب غزة، فهو عار ومناف للحقائق ما دفعنا إلى استهجان هذه الأقوال الغريبة التي تردد من قبلهم.
بل هي عار بحق الإنسانية والقانون الدولي وهي مرفوضة جملةً وتفصيلاً، فكيف يقبل العالم المتحضر الذي يدعو إلى الحرية والعيش بأمان بأن يهجر شعب عن وطنه وأرضه ومحاولة إبادته وارتكاب جرائم يدمى لها جبين البشرية.
وكل ذلك الدعم المطلق غير المحدود لهذا الكيان الغاصب، والذي يسمح له بأن يفعل كل ما يريد دون قيود إنسانية أو موانع أخلاقية، يعبثون بالإنسانية وبأرواح الأبرياء من النساء والأطفال.
لذلك، فإن هذا الدعم المطلق من الولايات المتحدة جعل الصهيوني يتمادى ويجاهر بالقتل والتنكيل.
ماذا يحب أن يكون موقفنا من هذا التهور والاستهتار في هذه الأقوال البعيدة عن الحق والحقيقة؟
ألا يستدعي هذا الأمر أن تقف الدول الإسلامية والعربية بصلابة أمام هكذا أقوال متهورة تمثل شريعة الغاب والتي توحي بأن القوي يأكل الضعيف!
من ذكريات الماضي وخاصةً للذين عاشوا في فترة الستينات، كنا نفتخر بأننا ندعم الدول التي تقاوم المستعمر والمحتل كالجزائر وفلسطين، حيث كان طلبة المدارس في ذلك الجيل يساهمون بالمال من مصروفهم الشخصي لدعم هذه الدول لنيل حريتها.
اليوم عالمنا مضطرب، تتزايد فيها التحديات والأزمات الدولية بشكلٍ لا يُبشِّر بالخير.
فالمشهد الدولي محفوف بالتحديات التي تهدد السلام والاستقرار في العالم.
أمام كل تلك التحديات العالمية المتصاعدة، تبرز الحاجة الملحة إلى التعاون والتضامن والتعاضد الحقيقي بين دولنا العربية والإسلامية لتوحيد الجهود وحماية أمننا واستقرارنا.
تَأْبَى الرِّمَاح إذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسَّرَا وَإِذَا افْتَرَقْن تَكَسَّرَتْ أفرادا
ختاماً،
دوماً هناك أمل وفرصة لتحسين الوضع عند السعي والعمل المشترك، وأن نبقى يقظين ضد من يحاربنا بشكلٍ علني أو مبطن وذلك عن طريق فهم أهدافهم وفضحها.
فالطريق نحو استقرار العالم العربي والإسلامي ككل، يبدأ بالتعاضد والتعاون التي تشكل المفتاح الأساسي لتحقيق الأمان والازدهار في المنطقة، لحماية مصالحنا وضمان، وجودنا، وتواجدنا بحكمة واستدامة.
اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين وعبث العابثين وعدوان المعتدين ومن شر الأشرار وكيد الفجار، والحمد لله رب العالمين.
الراي الكويتية