منوعات

الأرز البني.. كيف يتحول الغذاء الصحي إلى تهديد خفي؟

الأرز البني.. كيف يتحول الغذاء الصحي إلى تهديد خفي؟

في مفاجأة تزلزل ثقتنا بالخيارات الغذائية الصحية، تكشف أبحاث جديدة عن وجود مخاطر في الأرز البني قد تشكل تهديدا خفيا لصحة الأطفال بشكل خاص.

ووجدت دراسة صادمة أجراها باحثون في جامعة ميشيغان أن الأرز البني يحتوي على نسبة أعلى بنسبة 15% من الزرنيخ السام مقارنة بنظيره الأبيض.

وهذه النتيجة تضع المستهلكين أمام مفارقة غذائية محيرة: كيف يمكن لخيار يعتبره الجميع صحيا أن يحمل مثل هذه المخاطر؟.

تكمن المشكلة في التفاصيل الدقيقة لطبيعة الزرنيخ وطريقة امتصاص الأرز له.

والزرنيخ الموجود في الأرز يأتي في شكلين:

- الزرنيخ العضوي (الأقل سمية، ويوجد بشكل طبيعي في بعض المأكولات البحرية، بما في ذلك الأسماك والمحار والأعشاب البحرية).

- الزرنيخ غير العضوي (النوع الخطير المرتبط بالسرطان ومشاكل النمو والتوحد وغيرها).

ويمثل الزرنيخ غير العضوي (ما يعني أن هذه المادة السامة اتحدت مع عناصر أخرى مثل الأكسجين والكلور والكبريت) نسبة 48% في الأرز البني مقابل 33% فقط في الأرز الأبيض.

وهذه الفجوة الكبيرة في النسب تثير القلق الحقيقي.

وبحسب الدراسة، فإن الأطفال الصغار هم الفئة الأكثر عرضة للخطر، حيث أن أدمغتهم التي ما تزال في طور النمو حساسة بشكل خاص لتأثيرات الزرنيخ.

ووجدت الدراسة أن الرضع والأطفال بين 6 أشهر وسنتين الذين يتناولون الأرز البني يتعرضون لضعف كمية الزرنيخ مقارنة بمن يستهلكون الأرز الأبيض.

وهذا التعرض المبكر يرتبط بمشاكل عصبية خطيرة تتراوح بين صعوبات التعلم وانخفاض معدل الذكاء وصولا إلى اضطرابات أكثر تعقيدا مثل التوحد وفرط الحركة.

يكمن الخطر في التركيزات العالية من الزرنيخ التي يحتوي عليها الأرز البني، والتي تعود إلى طبيعة زراعته الفريدة، إذ تُغمر حقول الأرز بالماء، مما يخلق بيئة مثالية لامتصاص الزرنيخ من التربة.

والمدهش أن الأرز قادر على امتصاص كميات من الزرنيخ تزيد بعشرة أضعاف عما تمتصه المحاصيل الزراعية الأخرى.

وتتركز هذه المادة السامة تحديداً في النخالة - الطبقة الخارجية الغنية بالعناصر الغذائية والتي تعطي الأرز البني قيمته الغذائية ولونه المميز.

وبحسب الخبراء، فإن التعرض المزمن للزرنيخ غير العضوي، حتى بكميات ضئيلة، يفتح الباب أمام سلسلة من المشكلات الصحية التي تبدأ باضطرابات جلدية وتصل إلى زيادة مخاطر الإصابة بسرطانات الجلد والمثانة والرئة.

والأكثر إثارة للقلق هو تلك الصلة الوثيقة بين التعرض للزرنيخ وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على الوظائف الإدراكية الذي يظهر في صورة صعوبات تعلم واضحة وانخفاض ملحوظ في معدلات الذكاء، خاصة عند التعرض في مراحل النمو المبكرة.

ورغم هذه النتائج، يطمئن الخبراء بأن الخطر الفعلي لا يظهر إلا مع الاستهلاك المفرط والمستمر على المدى الطويل.

وتوضح البروفيسورة فيليشيا وو، الباحثة الرئيسية في الدراسة، أن "مستويات الزرنيخ في الأرز البني لا ينبغي أن تسبب مشاكل صحية طويلة الأمد إلا إذا تناول الشخص كميات هائلة يوميا على مدار سنوات".

وبالنظر إلى نتائج الدراسة الجديدة تبرز الحاجة إلى استراتيجيات عملية للحد من التعرض للزرنيخ.

وينصح الخبراء، للأطفال تحديدا، بالتقليل من استهلاك الأرز البني والاتجاه نحو بدائل غذائية أكثر أمانا مثل الكينوا والشوفان التي توفر قيمة غذائية مماثلة مع تجنب مخاطر التسمم بالزرنيخ.

أما بالنسبة لعامة المستهلكين، فتوصي الدراسات بضرورة غسل الأرز جيدا قبل الطهي، مع استخدام كميات وفيرة من الماء أثناء الطبخ، وهي خطوات بسيطة لكنها فعالة في تقليل محتوى الزرنيخ بشكل ملحوظ.

يقرأون الآن