تستحق الدكتورة كريستين حنا بجامعة بورسعيد، كأول أستاذة مسيحية فى قسم مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية التربية بجامعة مصرية، أن يُشاد بجهودها الشخصية وبكل من قَدَّم لها عوناً فى مشوارها الدراسى، كما ينبغى أن يُوَجَّه الشكر لكل من دعمها حتى تحصل على حقها الوظيفى بعد أن أكَّدَت كفاءتَها العلمية، فقد حصلت، وهى المسيحية الوحيدة فى دفعتها، على المركز الأول بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف، إلا أن الجهات الإدارية اشترطت موافقة المرجعية الدينية العليا على تعيينها معيدة بالكلية، فوافق فضيلة شيخ الأزهر آنذاك الدكتور محمد السيد طنطاوى، وبناء عليه عُينَت بالفعل معيدة عام 2002، وقد أطلقت هى على هذا القرار بأنه (صَكّ عدالة). وتابعت الترقية حتى حصلت على الأستاذية عام 2023.
تقول، فى تغطية بعض المواقع لقصتها، إن أول دعم لها كان من والديها اللذين شجعاها على حرية اختيار تخصصها الدراسى، ولقيت منهما مساعدة مستمرة حتى تلحق علمياً بزملائها المسلمين الذين سبقوها فى التخصص، فكان عليها أن تحفظ المقرر من سور القرآن، حتى تجاوزت رهبة التجويد بمساعدة زملائها المسلمين، وكانت والدتها تختبرها فى الحفظ، كما كان لوالدها دور مهم فى الاستعانة بأصدقائه لتقديم الشرح والتفسيرات لها. وهكذا توفرت لها بيئة علمية ونفسية إيجابية دفعت بها إلى الأمام.
تثير هذه التجربة الشخصية الناجحة للدكتورة كريستين حنا قضية قديمة عن وجوب عدم التفرقة على أساس دينى بين الراغبين فى الدراسات الدينية، سواء للمسيحيين الراغبين فى الدراسات الإسلامية أو المسلمين الراغبين فى الدراسات المسيحية، عملاً بالقواعد الدستورية التى تُقرّ بالمساواة بين المواطنين وعدم التفرقة على عدة أسس منها الأساس الدينى، وهذا هو لُبّ دعوة الرئيس السيسى عندما أكدّ أنه لا ينبغى أن تكون للهوية الدينية دور فى تحديد أو تمييز ما للمواطن من حقوق وما عليه من واجبات. ولكن، وللأسف، لا تزال المسألة خلافية، فبعض المتزمتين يرون أن هدف الدراسة تخريج دعاة ووعاظ، فلا يصح، فى رأيهم، أن يدعو أحد لغير دينه! فى حين يرى آخرون أن التوجه العلمى شىء، والعقيدة شىء آخر، ويذكرون لذلك نماذج تاريخية ساطعة.
الأهرام