لم يلهب الإرتفاع الجنوني بسعر صرف الدولار الأميركي ولا الغلاء وارتفاع الأسعار، الشارع الشعبي الصيداوي، بقيت التحرّكات خجولة واقتصرت على عشرات العائلات في صيدا القديمة وقد قطع شبّانها وفتيانها الطريق البحري بالإطارات المشتعلة لبعض الوقت إحتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية. اللافت في التحرّكات الخجولة غياب الناشطين في مجموعات «صيدا تنتفض» بكافة تلاوينهم والحراك الإحتجاجي، حيث بقيت صرخات اعتراضهم في الفضاء الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات الواتساب، من دون أن تترجم بدعوات حقيقية للنزول إلى أرض الميدان والتعبير عن رفضهم وغضبهم لما آلت إليه التطوّرات السياسية والقضائية.
وتعزو الناشطة هانية الزعتري السبب إلى «أنّ المرحلة تتطلّب التريّث حتى لا نكون كبش محرقة أو فداء أو محسوبين على أحد، إذ يبدو بوضوح بعد التطوّرات الأخيرة أنّ هناك بعض الأحداث مفتعلة، وأنّ هناك شارعين من خلال تحرّكات بيروت بعد ما جرى في القضاء اللبناني»، وتقول لـ»نداء الوطن»: «إن انهيار الوضع المعيشي والاقتصادي كان يستدعي التحرّك الاحتجاجي قبل ذلك، ولكنّني على المستوى الشخصي أجد أنّ مساعدة الناس في مكان آخر أفضل من النزول الى الشارع حالياً، لأنّنا بصراحة لم نستطع أن نحدث التغيير المطلوب في الإنتخابات النيابية الأخيرة»، علماً أنّ بعض الناشطين شاركوا في تحرّكات بيروت وآخرين ينتظرون جلاء المشهد السياسي والقضائي لاتخاذ قراراتهم.
وما ساهم في هدوء المدينة هو يوم العطلة الجمعة، حيث أقفلت المحال التجارية والمؤسسات، وانصرف أبناء المدينة إلى المساجد لأداء الصلاة. وقالت الحاجة فاطمة البطش لـ»نداء الوطن»، وهي والدة لخمسة أبناء وتقيم في صيدا القديمة، «ما كنّا نخشاه قد حصل، لقد دولروا كلّ شيء، وليس فقط البنزين والمازوت والكهرباء والغاز، بل الدواء وأسعار البضائع في المحال والسوبرماركت، وحتى اشتراك المولّد الخاص، بينما يقبض العمال والموظّفون ليرات لبنانية، لقد أصبحت حياتنا جحيماً لا يُطاق، فكيف لا نثور على الظلم والإهمال؟».
وحدهم تجّار السوق التجارية في المدينة تحرّكوا إحتجاجاً، ولكن في سرب آخر وسعياً وراء عدم قطع رزقهم، إذ اجتمع عدد منهم بمبادرة من الحاج محمد رشيد البابا، واستنكروا خطّة السير التي وضعتها بلدية صيدا، وأكدوا أنها أثّرت سلباً في الحركة التجارية لديهم، ووقّعوا عريضة طالبوا بها البلدية بالعودة عنها.