مرّة جديدة ينتصر بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق للموارنة، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على مخوّنيه ورافضي اقتراحه. فمنذ البطريرك المؤسس للبنان الكبير الياس الحويّك إلى البطريرك العنيد مار نصرالله بطرس صفير، كان لبكركي وقعٌ في ملعب السياسة اللبنانية تترجَم أفعالاً وإنجازاتٍ على مستوى السيادة اللبنانية بشكل عام، وحقوق المسيحيين بشكل خاص.
واليوم من جديد ينتصر بطريرك الحياد الإيجابي الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. فمنذ عام 2020 والراعي يصرخ من بكركي لا حلّ في لبنان إلا بالحياد الإيجابي، ومنذ ذلك الحين والفريق المتحالف مع إيران يخوّنه ويتّهمه بالصهيونية وبالعمالة وفق ما ورد في "نداء الوطن".
رجال دين غير مسيحيين وسياسيون مقرّبون من "حزب الله" شنّوا على الراعي حملات تخوين، واعتبروا بأن أجندته غير لبنانية، مقابل فريق سياديّ من المسيحيين والمسلمين وقفوا إلى جانب خياره معتبرين أن لا خلاص للبنان إلا بحياده، لكنّ قرار الحرب والسلم لم يكن بيد الراعي وفريقه، فذهب الأمين العام لـ "حزب الله" السيّد حسن نصرالله بلبنان وبشعبه إلى الموت!
لو تعود بالفريق المُخوّن الأيام، لكان خيار الراعي صائباً ولكانت البيئة الشيعية تجنّبت الموت والدمار والانكسار. ولكان السيّد نصرالله لا يزال حيّاً. لو تعود بالفريق المُخوِّن الأيام لناصَر غزّة بالبيانات على غرار مناصرته لإيران في حربها الأخيرة ضدّ إسرائيل، ولشجب الاعتداء الإسرائيلي بالصراخ وتظاهر في بيروت وفي كل لبنان دعماً للقضية الفلسطينية، لكن وبكل تأكيد لم يُطلق رصاصة واحدة على إسرائيل ولم ينتحر.
لكنّ من كان ليتوقّع بأن يأتي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويلجم النظام الإيراني، ومن كان ليتوقّع بأن يُصبح "حزب الله" مجرّدًا من سلاحِه الثقيل ومُثقلاً بجراحه؟
ما فعله ترامب في وضع أسس السلام على مستوى الشرق الأوسط، وضع لبنان تلقائيًا في مصاف المُحايدين. لقد حقّق ترامب من دون أن يقرّر مطلب البطريرك الراعي، وهو ما تبيّن بأنه خدمة للبنانيين جميعًا وليس لفئة منهم.
ففي حرب إيران وإسرائيل لم يُقتل أي لبنانيّ في لبنان ولم تُهدم البيوت، على الرغم من أن إيران كانت بأمسّ الحاجة إلى مساعدة من أذرعها وفي طليعتهم "حزب الله". فهل سيعترف الأخير وفريقه بصوابية الحياد؟ وهل سيقدّمون الشكر للبطريرك المارونيّ على سعيه لحماية أبنائه اللبنانيين أم أنهم سيجحدون ويعتبرون بأنّ مشروعهم الدينيّ لم ينتهِ بعد ويُدخلون لبنان من جديد في حروب دامية؟ فلننتظر ونرَ بحسب "نداء الوطن".