إيمان شويخ
يتصاعد الصراع المسلح في السودان بعد حوالي عامين من حربٍ شرسة اندلعت في الخامس عشر من أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية التي يقودها رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وبين قوات الدعم السريع تحت قيادة محمد دقلو (حميدتي)، في ظل وضع إنساني مأساوي وغياب أي أفق لحل النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي حديثٍ لموقع "وردنا"، اعتبر الصحافي السوداني سيبويه يوسف أن من أشعل الحرب يريد أن يستفيد من استمرارها ونتائجها لتجريف الواقع السياسي في السودان، لأن هذه الحرب قامت ضد الثورة المدنية التي حصلت عام 2019، وهي ثورة اقتلعت نظام الإخوان المسلمين في السودان. وبعد ذلك كانت هنالك فترة انتقالية محددة، ثم بدأت عملية انتخابات لانتخاب حكومة مدنية ومجلس نواب يمثل الشعب السوداني، لكن الإسلاميين هم الذين انقلبوا على كل المسارات الإنسانية وتلك المتعلقة بمسارات وقف الحرب، وتمترسوا خلف قيادة الجيش المرتهن للحركة الإسلامية، ورفضوا مبادرة جدة، وانسحبوا منها ثلاث مرات، كما رفضوا مبادرة الاتحاد الإفريقي، ورفضوا أيضًا اتفاق المنامة ومبادرة جنيف والهدنة الإنسانية مؤخرًا. وهذا يؤكد أن هنالك قوة تتمترس خلف الجيش وتعتبر أن وقف الحرب قبل القضاء التام على الدعم السريع ومكافأة الإسلاميين والحركات الإرهابية وتشكيل حكومة تمثل هذا الإطار العام أمر غير مقبول. وأشار يوسف إلى أن بعثة تقصي الحقائق تحقق في أحداث الفاشر، وقد طالبت بها قوات الدعم السريع، في ظل اعتراض ممثل حكومة بورسودان في مجلس حقوق الإنسان الذي اعترض على المادة 14 و15 و16 من الدستور، ورفض دخول البعثة إلى الفاشر لئلا تكشف الفظائع التي ترتكبها قيادة الجيش السوداني. وبالتالي، تم رفض التقارير الصادرة عن بعثة تقصي الحقائق وتجديد عمل البعثة في مجلس الأمن، وهذا الرفض يؤكد أن هنالك قوة فاعلة تجد دعمًا خارجيًا تريد الاستفادة من هذه الحرب. فمن هي هذه القوى الخارجية؟
يقول الصحافي السوداني سيبويه يوسف إن العلاقات الإيرانية-السودانية قد قُطعت منذ 16 عامًا، ولكن إبان نشوب هذه الحرب تم إعادة العلاقات مع إيران بشكل كبير. وحسب مصادر يوسف، فإن قيادات من الحرس الثوري الإيراني موجودة في مدينة بورسودان، إضافة إلى أن هنالك مسيرات معادية إيرانية تم إسقاطها أكثر من مرة، وهذا يؤكد أن هنالك قوة دولية تقف وراء هذه الحرب وتغذيها. والدليل على ذلك إعادة التمثيل الدبلوماسي واللاعب نفسه في التوازن الدولي والإقليمي عندما تحصل زيارات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إلى روسيا التي تدعم حكومة بورسودان، فضلاً عن وجود قاعدة عسكرية روسية تم الاتفاق حولها، بحيث يكون لروسيا موطئ قدم في البحر الأحمر في منطقة لا تحتمل صراعًا جيوسياسيًا. كما أن المسيرات التركية تم إسقاطها أكثر من مرة في مناطق الصراع في دارفور وكردفان، وهذا يعني أن هنالك تحالفًا دوليًا يمد الجيش أو الإسلاميين بمزيد من المؤن والمعدات العسكرية لتستمر هذه الحرب وتحقق أهدافها.
أما عن التسوية المرتقبة أو الحل، فيعتبر يوسف أن الحل يجب أن يتفق عليه من قبل جميع الأطراف، بحيث يتم التوافق على عودة دمج وبناء جيش واحد يضم جميع القوى والميليشيات التي تم تكوينها مؤخرًا، وهي أكثر من 62 ميليشيا تم تكوينها مع بدء الحرب على أسس إثنية ومذهبية، إضافة إلى حركات أخرى كانت أساسًا متواجدة في دارفور. وبالتالي، يجب إيجاد رؤية لتوحيد هذه الجيوش وبناء جيش وطني واحد، وخروج العسكريين من المشهد السياسي، وحكم مدني ديمقراطي، وعملية انتقال سياسي لبناء مؤسسات دولة سودانية واحدة.


