لبنان

"حماس" تجدد مخاوف لبنان من تحويله "ساحة صراع إقليمي"

أحدث إعلان حركة "حماس" يوم الاثنين الماضي، خضّة في الأوسط السياسية اللبنانية التي تنقسم مخاوفها إلى مستويين:

المستوى الأول إعادة عقارب الساعة إلى "اتفاق القاهرة" في عام 1969 الذي وقعه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقائد الجيش اللبناني (يومذاك) العماد إميل البستاني، وضم نقاطاً حول تنظيم العلاقة اللبنانية – الفلسطينية، والسماح للمقاومة الفلسطينية بإنشاء قواعد عسكرية في الجنوب اللبناني، وخصوصاً، في منطقة العرقوب والقطاع الأوسط والشرقي وممارسة العمل السياسي داخل المخيمات. وفي ذلك الوقت، تحول الجنوب إلى منطقة عمليات عسكرية، وتضاعفت على أثره الاعتداءات الإسرائيلية بذرائع متصلة بالرد على الفدائيين، وصولاً إلى اجتياح إسرائيل لجنوب الليطاني في 14 مارس/آذار عام 1978، بذريعة إبعاد الفلسطينيين من الحدود. واليوم يتوجس المستوى السياسي اللبناني من تكرار تلك المرحلة، ما سينهي الهدوء الذي اختبره جنوب لبنان من عام 2006، ويطيل أمد الحرب حتى بعد انتهاء الحرب في غزة.

أما المستوى الثاني، فيتصل بتشريع التسلّح غير اللبناني في البلاد، في وقت لا يحظى سلاح حزب الله بإجماع القوى السياسية اللبنانية كافة، ولو أنه مغطى رسمياً في بيانات وزارية متعاقبة. وراهناً يقول خصوم الحزب، الذي يُتهم بأنه سهل وصول "كتائب القسام" وقوى أخرى إلى المنطقة الحدودية خلال الأسابيع الماضية لإطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه أهداف إسرائيلية، إن تشريع تسليح حماس قد يجدد المخاوف من تسليح قوى سياسية أخرى في لبنان.

درباس

في الحقيقة، تتجاوز تداعيات إعلان حماس المسألة السيادية اللبنانية والضوابط المتعلقة بحصرية سلطة الدولة اللبنانية في ضبط أمن الحدود. ويرى الوزير الأسبق ونقيب المحامين الأسبق رشيد درباس أن إعلان حماس هذا "يتضمن طعناً بالشرعية الفلسطينية أيضاً"، شارحاً في حديث لـ"الشرق الأوسط" أن حدث 7 تشرين الأول/أكتوبر "دخل على الوجدان العربي العام، وأعاد القضية الفلسطينية إلى عروبتها ورونقها، وهو أمر يسري على اللبنانيين أيضاً". لكن الشعب اللبناني، وإثر إعلان حماس، بدأ يشعر بأنه مستهدف ومظلوم، بالنظر إلى أن حماس اختارت بلداً لا يتمتع بمقوّمات الصمود لتوسيع نشاطها العسكري فيه.

ويرى درباس في إعلان حماس من ناحية ثانية تبديداً للأرباح بلا سبب. ولذا يُفترَض أن تكون لدينا جرأة وشجاعة لنقول لا حرصاً عليها، ذلك أن عدداً إضافياً من المقاتلين في الجنوب لا يقدّم ولا يؤخر في المعركة. ويضيف أنه عندما تبدأ بعض التنظيمات بالتأهب للحرب، بما يترتب على الأمر من تسلح وتشكيلات عسكرية، فهذا يعني أن اتفاق الطائف تلاشى. وهذا سيشرّع لكل طائفة التسلح، ومنهم بطبيعة الحال المسيحيون، كما أن كل طائفة ستبحث عن حلف أجنبي ونعيد عقارب الساعة إلى الوراء.

قاطيشا

واقع الأمر، أن الرفض اللبناني الواسع ساهم بتراجع حركة حماس عن خطوتها، وهنا يقول النائب اللبناني السابق والخبير العسكري الجنرال المتقاعد وهبة قاطيشا إن شبه الإجماع اللبناني الرافض لهذه الخطوة، دفع الحركة للتراجع، في إشارة إلى معظم القوى السياسية والأحزاب اللبنانية باستثناء "حزب الله" الذي لم يصدر أي بيان حول الخطوة. ويتابع قاطيشا لـ"الشرق الأوسط" إن حزب الله هو من يتحكم بالساحة الجنوبية، وبإمكانه وحده تكبيرها أو تصغيرها، رغم أنه من الناحية الشعبية، يحاول الإيحاء بأنه ليس حارساً للحدود ولا علاقة له بالساحة، ويضيف "لكن التهيّب اللبناني من خطوة حماس، والإجماع اللبناني على رفضها، أجهضاها قبل أن تولد".

ومن جهة ثانية، يرى قاطيشا أن هدف "حزب الله" يتمثل في "الحفاظ على سلاحه. وهو ما دفعه لإطلاق معركة مع إسرائيل، وتغطية معركة الفلسطينيين من الداخل اللبناني باتجاه إسرائيل. إنه - تحقيقاً لهدفه - لا يستطيع إلا أن يشارك في المعركة".

يقرأون الآن