ألقى القائم بأعمال البعثة اللبنانية في الامم المتحدة في نيويورك هادي هاشم كلمة لبنان في الجلسة الطارئة الخاصة العاشرة للجمعية العامة حول فلسطين، وقال فيها: "يرحب وفد بلادي بالقرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يدعو الى وقف فوري لإطلاق النار والذي صوتت لصالحه مئة وثلاثة وخمسون دولة، وإسمحوا لي بالتوجه بالشكر الخاص لجمهورية مصر العربية بصفتها رئيسة المجموعة العربية لهذا الشهر، وجمهورية مورتانيا الإسلامية بصفتها رئيسة منظمة التعاون الإسلامي، ودولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة المجموعة العربية في مجلس الأمن، على جهودهم المشكورة وسعيهم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والحدّ من مأساة الشعب الفلسطيني الشقيق".
أضاف: "بعد أكثر من سبعين يوماً على بدء العدوان على غزة، لم يستطع مجلس الأمن إصدار أي قرار لوقف إطلاق النار، على الرغم من كل الجهود التي بُذلت من قبل كافة أعضاء المجلس. وإذ نؤكد أن هذه الأزمة لن تنتهي، ولن يُحل الصراع العربي - الإسرائيلي إلا إذا حُلت القضية الفلسطينية، هذه القضية التي صدر بشأنها قرارات مُتعددة لم تُنفذها إسرائيل. فالحلّ بسيط وواضح ومعروف: تنفيذ القرارات الدولية، واحترام الشرعية المنبثقة عن الأمم المتحدة، وإلا فإن هذا الصراع لن ينتهي، ومسلسل الحرب سوف ينتقل من جيل إلى جيل، وما شاهدناه في غزة خلال الشهرين الماضيين سنشاهده بعد خمس أو عشر سنوات، لكن بأسماء مختلفة وجهات أخرى. فلا الشعب الفلسطيني سوف يتوقف عن مقاومته للإحتلال ولا إسرائيل ستتوقف عن جرائمها واحتلالها. وللأسف سوف نعود إلى هنا بأشخاص جدد، ولكن بالمضمون نفسه. فما معنى أن نصدر قرارات دولية لا تستطيعون تنفيذها؟ وما معنى وجودنا في هذه القاعة اليوم إذا بقيت إسرائيل خارجة عن القانون؟ كلنا هنا نعرف الحل وندرك طريقه".
وتابع: "وقف العالم مناصرا للقضية الفلسطينية، وقد شهدت عواصم مثل باريس، لندن، وواشنطن، مظاهرات إحتجاجية على ما تقوم به إسرائيل، ومناصرة للشعب الفلسطيني. ووسائل الإعلام مشكورة لعبت دورا في نقل الحقيقة وعدم طمسها. لذلك قامت إسرائيل باستهداف الصحافيين بشكل متعمد ومباشر، مما أدى إلى قتل أكثر من 50 صحافي فلسطيني و3 صحافيين لبنانيين هم عصام عبدالله وفرح عمر وربيع المعماري وجرح العديد منهم. وما حصل يوم الجمعة الفائت من استهداف طاقم قناة الجزيرة القطرية في غزة ما هو إلا دليل إضافي على نية إسرائيل إسكات صوت الصحافة الحرة، فتحية إلى وائل دحدوح وروح سامر أبو دقة. فشباب العالم اليوم ميالون للحقيقة ومتعاطفون مع القضية المحقة، ولم يعد أحد يستطيع أن يزوّر التاريخ، ويُحرّف الحاضر، ويُسمّم المستقبل".
وقال: "ما نتيجة العدوان حتى الآن؟ النتيجة هي: مزيدٌ من القتل مزيدٌ من القهر ومزيدٌ من التدمير. أهذا ما نريده؟ أهذا ما نسعى إليه؟ فهنيئا لبائعي السلاح لأننا بتنا نعيش في عصر بائعي الأوهام. بعد سبعين يوما، لم تحقق إسرائيل أي هدف من أهدافها المعلنة للحرب، فالمقاومة مستمرة من جهة، والقتل مستمر من جهة أخرى، أما الهدف غير المعلن لإطالة أمد الحرب فهو إطالة عمر الحكومة المتطرفة الإسرائيلية وتدمير فرص حل الدولتين. وإذا لم نتعلم من دروس الماضي فلن نستطيع تغيير المستقبل. فحذار أن قوى التطرف أصبحت أكثر قوة، ولغة العنف أصبحت سائدة، ومفهوم القتل أصبح مسيطرا. وفي المقابل، محبو السلام أصبحوا أكثر ضعفا، والمؤمنون بالحوار أصبحوا غير عقلانيين، والساعون لحلّ الأزمات أصبحوا خونة".
اضاف: "سبعون يوما مرت على العدوان الإسرائيلي ضد لبنان وعلى التهديدات المستمرة بحقنا. فتارةً يهددون بتدميرِ بيروت وطوراً بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، ناهيك عن تصريح وزير التراث الإسرائيلي بإستعمال السلاح النووي ضد غزة. كل هذه التهديدات وجهت بقدر عال من المسؤولية وضبط النفس من قبل لبنان وحكومته، على الرغم من التضحيات الكبيرة التي قدّمها الشعب اللبناني خلال الفترة الأخيرة، حيث استمرت إسرائيل بقصف المدنيين الآمنين، وتهجير السكان، وحرق الغابات، وإستعمال الفوسفور الأبيض، وقصف دور العبادة والمستشفيات، والإعتداء على قوات ومقرات اليونيفيل، إضافة الى إستهداف الجيش اللبناني وإستشهاد أحد عناصره، وذلك بخرقٍ فاضحٍ ومتواصلٍ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 1701".
وتابع: "ما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر هو جرس إنذار للجميع بأن الوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه. نحن اليوم بحاجة إلى حلّ مُرضٍ للجميع، بحيث يحصل الفلسطينيون على دولتهم المستقلة ذات السيادة على حدود العام 1967. ويتعين على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن ويدفع بإتجاه حل الدولتين وأن يحول هذه المأساة إلى فرصة. ومن هنا الحاجة الملحة إلى أن يَصدُر عن مجلس الأمن قرارا قادرا على حلّ الصراع بشكل عادل وشامل. ومن الحتمي أن تستفيد جميع شعوب المنطقة بشكل كبير من هذه النتيجة، وخاصةً لبنان، إذ أن التحرك بهذا الاتجاه اليوم سيجلب بالتأكيد الإستقرار والإزدهار لمنطقتنا والعالم".
وختم: "يؤكد لبنان إلتزامه بالقرار 1701 بكافة مندرجاته، والحكومة اللبنانية ورئيسها لم يُوفرا جهدا لمنع تمدد الحرب بإتجاه لبنان. لكن اللبنانيين كالفلسطينيين لن يتخلوا عن شبر واحد من أرضهم المحتلة. فعلى إسرائيل وقف عدوانها على لبنان، والانسحاب فورا من كافة الأراضي اللبنانية التي ما زالت محتلة. فخراج بلدة الماري لنا وتلال كفرشوبا لنا ومزارع شبعا أيضا لنا. والتاريخ معنا والحقيقة معنا والحق أيضا معنا".