يبدو أن مسيرة كريستيانو رونالدو قائد النصر، في السعودية، باتت مهددة بعدما سقط اللاعب في فخ الاستفزازات المتكررة، سواء من لاعبي الفرق المنافسة أو الجماهير.
وتصدر رونالدو، العناوين خلال الأيام الماضية، بعد واقعة ضربه علي البليهي مدافع الهلال، دون كرة، في نصف نهائي السوبر السعودي، في لقطة استحق عليها الطرد المباشر، والإيقاف.
ووجه البليهي كلمات استفزازية لرونالدو خلال المباراة ذاتها قبل لقطة الطرد، حسب ما أظهرته عدسات الكاميرات، ليرد الدون بطريقة أدانته، وكلفته الكثير.
ولم يفطن رونالدو إلى حيلة البليهي المعتادة باستفزاز المنافسين، خصوصًا أنها طالت نجوم كبار، منهم البرتغالي نفسه في وقت سابق، وليونيل ميسي وعبد الرزاق حمد الله.
وأظهرت عدسات الكاميرات أن رونالدو كان ثائرًا لدرجة أنه كاد يلقي الكرة في وجه الحكم غضبًا بعد إشهار البطاقة الحمراء، كما أنه سخر من القرار أثناء خروجه من الملعب.
ليست الأولى
لا تعتبر واقعة البليهي، هي الأولى التي لم يسيطر فيها رونالدو على أعصابه ويسقط في المحظور، وإنما شهد مشواره في الدوري السعودي عدة مواقف مشابهة عرضته للعقاب، رغم أنه انضم للنصر منذ أقل من عام ونصف.
وهذه هي العقوبة الانضباطية الثانية لرونالدو في أقل من شهرين، بعد إشارته الخارجة لجماهير الشباب في ديربي الرياض يوم 25 شباط/ فبراير الماضي ضمن الجولة 21 من الدوري السعودي.
وقتها حاولت جماهير "الليوث" استفزاز رونالدو بالهتاف لصالح غريمه ليونيل ميسي، فرد النجم البرتغالي بحركة وُصفت بأنها خادشة للحياء.
وعوقب رونالدو وقتها بالإيقاف لمدة مباراة (ضد الحزم) مع غرامة مالية قدرها 10 آلاف ريال.
وبالعودة إلى الوراء قليلًا، ففي 8 شباط/ فبراير الماضي، أثار رونالدو جدلًا واسعًا بعدما ارتكب تصرفًا مشينًا بإشارة بذيئة أخرى لجماهير الهلال عقب نهائي كأس موسم الرياض الودية.
وأثناء خروجه من ملعب "المملكة أرينا"، ألقى أحد مشجعي الهلال، وشاحًا يحمل شعار الزعيم، ليستخدم الدون، الوشاح لتوجيه إشارة تحمل إيحاءات خادشة.
هذا كله فضلًا عن اعتراضاته بصورة لافتة ضد قرارات الحكام داخل الملعب، مما كلّفه بطاقات صفراء في أكثر من مناسبة.
مطالبات بالترحيل
المثير أن رونالدو لم يعد بعدم تكرار تصرفاته، مما يفتح الباب أمام مواقف مشابهة، وعقوبات أكبر.
فعندما سُئل عن سبب إشارته الخارجة لجماهير الشباب، رد بقوله "الجميع يخطئ، وأنا بشر أخطئ مثل كل الناس، لا يمكنني أن أعد أحدًا بشيء، وما فعلته وعوقبت عليه فُهم بشكل خاطئ، خصوصًا أن مثل هذه التصرفات عادية في أوروبا".
صحيح أن إشارات رونالدو معتادة في أوروبا، وسبق له أن فعلها بقميص يوفنتوس، لكنها تتعارض مع التقاليد الدينية المتبعة في السعودية، لذلك تعرض اللاعب لحملات من الهجوم الجماهيري، وصلت إلى حد المطالبة بترحيله خوفًا من انتشار هذا السلوك.
الهجوم لم يقتصر على الجماهير والإعلاميين، وإنما طالت رونالدو، انتقادات من لاعبين ومسئولين سابقين.
وقال محمد الدعيع أسطورة الهلال، تعليقًا على واقعة لقاء الشباب: "ما قام به كريستيانو تصرف غير أخلاقي، ولا نقبله بتاتًا، مثل هذه التصرفات تشوه صورته كلاعب، من المفترض أن يكون قدوة".
فيما شن عبد الكريم الجاسر عضو مجلس إدارة الزعيم السابق، هجومًا ضد رونالدو على خلفية واقعة البليهي، بقوله "المشروع الرياضي السعودي بريء من تصرفات العجوز، براءة الذئب من دم يوسف، لم ولن نقبل ما يصدر من رونالدو من تصرفات".
الانتقادات لم تأتِ من جانب الهلال فقط، وإنما امتدت لتشمل محمد الشيخ المتحدث الرسمي السابق باسم الاتحاد السعودي، حيث قال "لعب كريستيانو قبل قدومه إلى السعودية في البرتغال وإنجلترا وإسبانيا وإيطاليا، ولم يتجرأ أحد بأن يطالب بحمايته من منافسيه".
وأضاف: "لقد طفح الكيل، رونالدو أمام القانون والاحتراف مثل أي لاعب.. له ما له وعليه ما عليه".
الخبرة لا تكفي
من ناحية أخرى، تبدو تصرفات رونالدو صادمة كونها تأتي من نجم مخضرم، من المفترض أن يتعامل بصورة أفضل مع الضغوط والاستفزازات.
فصاحب 39 عامًا، مر بتجارب عديدة، وتألق تحت ضغوط هائلة، كمباريات الكلاسيكو، أو الديربي في الدوريات الأوروبية الكبرى، وكذلك النهائيات القارية سواء على مستوى دوري الأبطال أو كأس أمم أوروبا.
وتأتي تصرفات الدون بعد إخفاقه في التتويج بلقب كبير مع النصر حتى الآن، واحتمالية خروجه بموسم باهت جديد، إذ اكتفى بحصد كأس الملك سلمان للأندية العربية الصيف الماضي.
مواقف سابقة
شغف رونالدو بتحطيم المزيد من الأرقام رغم تقدمه في العمر، ورفضه الهزيمة تحت أي ظروف حتى لو كانت في بطولة ودية، أوقعه في فخ العصبية الزائدة، الذي كان عانى منه في فترات سابقة من مسيرته.
هذه الآفة عانى منها رونالدو في فترته الأولى مع مانشستر يونايتد، حين فقد أعصابه ليتدخل بتهور كبير على آندي كول مدافع مانشستر سيتي، في الديربي خلال يناير/كانون ثان 2006.
وتعرض رونالدو للطرد وقتها، ليوضح للحكم بأن تصرفه جاء ردًا على تعرضه لعرقلة من أحد لاعبي المان سيتي دون أن يُعاقب.
ولا يمكن نسيان لقطة دفع رونالدو إلى بيب جوارديولا في صدره على خط التماس خلال كلاسيكو نوفمبر/تشرين ثان 2010، الذي انتهى بخسارة مذلة لريال مدريد بخماسية نظيفة.
كما ألقى رونالدو، شارة قيادة منتخب بلاده غضبًا في مناسبتين، الأولى عقب واقعة شهيرة بعدما تسبب زميله لويس ناني في إلغاء هدف له في مرمى إسبانيا بمباراة ودية عام 2010، والثانية اعتراضًا على إلغاء الحكم، هدفًا أمام صربيا في تصفيات مونديال 2022.
ووجه النجم البرتغالي، إشارة خارجة عندما كان لاعبًا في ريال مدريد، إلى خافي مارتينيز لاعب أتلتيك بيلباو السابق، خلال مباراة بين الفريقين عام 2012.
وتبين في وقت لاحق أن خافي مارتينيز استفز رونالدو بالكلمات، مما دفع الدون البرتغالي للرد بطريقة غير لائقة.