يتوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد إلى إقليم كردستان ومدينة الموصل في شمال العراق، المحطة الثانية في زيارته للعراق بعد بغداد حيث شارك بمؤتمر إقليمي طغت عليه قضايا "مكافحة الإرهاب" وتطورات أفغانستان.
وفي زيارته الثانية إلى العراق خلال أقل من عام يتوجه الرئيس الفرنسي الذي ذكّر خلال مؤتمر بغداد بأن "فرنسا كانت إلى جانب العراق في قتاله ضد تنظيم الدولة الإسلامية"، إلى الموصل.
وسيلتقي في المدينة التي دمرت أقسام منها بعد أن ظلت في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية لمدة ثلاث سنوات، طلابا وشخصيات "مؤثرة" قبل أن يظهر دعمه لمسيحيي الشرق بزيارة كنيسة سيدة الساعة حيث صلّى البابا فرنسيس قبل نحو ستة أشهر على أرواح "ضحايا الحرب".
كما سيزور موقع إعادة إعمار مسجد النوري السني الذي دمره التنظيم المتطرف.
وكانت الموصل تعتبر "عاصمة" تنظيم الدولة الإسلامية الذي احتل لأكثر من ثلاث سنوات مساحات واسعة من العراق. ولا يزال الدمار واضحاً في سوق باب السراي التاريخي والمدينة القديمة، فيما تقول مصادر حكومية في تقديرات أن أكثر من ثمانين بالمئة من بناها التحتية وأبنيتها لا يزال مدمراً.
وتأتي زيارة ماكرون إلى الموصل غداة مشاركته في مؤتمر ضمّ مصر والأردن وإيران وتركيا والإمارات والكويت والسعودية، طغى عليه بروز تنظيم الدولة الإسلامية الذي تمّ دحره في العراق في 2017 وفي سوريا في 2018 بدعم من تحالف دولي بقيادة أميركية، على الساحة في أفغانستان مع انسحاب القوات الأجنبية.
وأعلن ماكرون من بغداد "نعلم جميعاً أنه لا ينبغي التراخي لأن تنظيم الدولة الاسلامية لا يزال يشكل تهديداً، وأنا أعلم أن قتال تلك المجموعات الإرهابية يشكل أولوية لحكومتكم".
وفي مؤتمره الصحافي الختامي، قال إن بلاده "ستبقي وجودا لها في العراق لمكافحة الإرهاب، طالما أراد العراق ذلك أيا كان خيار الأميركيين"، مؤكدا أنه "لدينا القدرات العملية لضمان هذا الوجود".
وتقود الولايات المتحدة تحالفاً دولياً في العراق لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية، ويبلغ عدد عسكرييها 2500، لكنها أعلنت قبل نحو شهر عن نيتها إنهاء "مهمتها القتالية" في العراق بحلول نهاية العام.
دمار وضحايا
فيما يلوح انتهاء "المهمة القتالية" للولايات المتحدة في الأفق مع تحوّل وجود العسكريين الأميركيين إلى عملية استشارية فقط بحلول نهاية العام، لا تزال بغداد تواجه عدداً من التحديات الأمنية.
ويتمتع تنظيم الدولة الاسلامية حتى الآن بالقدرة على شنّ هجمات ولو بشكل محدود رغم مرور أربع سنوات على هزيمته، عبر خلايا لا تزال منتشرة في مناطق نائية وصحراوية، كالهجوم الذي أودى بحياة ثلاثين شخصاً في حي مدينة الصدر الشيعي في العاصمة الشهر الماضي.
في اربيل، سيذكر ماكرون سلطات كردستان العراق بـ"قوة دعم فرنسا في مكافحة الإرهاب"، كما سيلتقي بالزعيم الكردي مسعود بارزاني لتكريم المقاتلين الأكراد (البيشمركة).
ويضم وفد الرئيس الفرنسي الحائزة جائزة نوبل للسلام نادية مراد، إحدى السبايا السابقات لتنظيم الدولة الإسلامية والتي تعرض الآن قضية الأيزيديات على المنابر الدولية، والكاتبة والناشطة النسوية كارولين فورست.
ويقطن الإيزيديون وهم أقلية ناطقة بالكردية في مناطق في شمال العراق وسوريا، ويعتنقون ديانة توحيدية. وقد تعرضوا منذ قرون للاضطهاد على أيدي متطرّفين يتّهمون أتباع هذه الديانة بأنّهم من "عبدة الشيطان".
عندما سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل ومحيطها اجتاح الجهاديون منطقة جبل سنجار، وقتلوا الآلاف من أبناء هذه الأقلية وسبوا نساءها وأطفالها.
ووفقاً للأمم المتّحدة اختطف الجهاديون آلاف النساء والمراهقات الأيزيديات اللواتي تعرّضن لفظائع مروّعة، مثل الاغتصاب والضرب والتعذيب والاستعباد وما إلى ذلك من صنوف المعاملة اللاإنسانية.
وبحسب سلطات إقليم كردستان العراق، فقد اختطف الجهاديون أكثر من 6400 أيزيدي وأيزيدية، لم يتمكّن سوى نصفهم من الفرار أو النجاة، في حين لا يزال مصير الباقين مجهولاً.
أ ف ب