أكد مصدر وزاري سابق لـ "الأنباء" أن الاستحقاق الرئاسي أسير معضلات ثلاث، اثنتان منها على علاقة مباشرة بالحرب في غزة، وهي التالية:
1 ـ عدم قدرة المعارضة اولا على اختيار مرشح توافقي حقيقي يرضي الجميع، وثانيا على فرض المسار الدستوري لانتخاب رئيس.
2 ـ عدم استعداد حزب الله لانتخاب رئيس قبل انتهاء الحرب في غزة والجنوب، لفرض شروطه وما يريده من مكتسبات سياسية كمنتصر في الحرب، بدليل رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري اقتراح حزب القوات اللبنانية بإقامة حوار بمعزل عن المعارضة، رغم تأكيد الأخيرة على حتمية مشاركتها في جلسة انتخاب الرئيس التي ستلي الحوار السباعي، ما يعني من وجهة نظر المصدر أن الرئيس بري يحتج برفض القوات للحوار لتبرير عدم الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس.
3 ـ عدم وجود ضوء أخضر غربي وتحديدا أميركي قبل معرفة ما تريده إيران كثمن لعودة الاستقرار إلى المنطقة.
واعتبر المصدر أن الحرب على غزة فرضت تداعياتها ليس فقط على الاستحقاق الرئاسي في لبنان، إنما أيضا على كل ملف وتفصيل مصيري في البلاد، بدءا بالتقرير السلبي لشركة توتال في ملف التنقيب عن الغاز في البلوك رقم 9، مرورا بتطبيق القرار الدولي 1701، وصولا إلى ترسيم الحدود البرية ولو بشكل تمهيدي قبل انتخاب الرئيس. فالجميع في لبنان معارضة وممانعة وما بينهما يلعبون في الوقت الضائع في انتظار جلاء الصورة في غزة. وما تأكيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن الاستحقاق الرئاسي مفصول عن الحرب في غزة، سوى موقف قوامه الاستهلاك السياسي ليس إلا.
وأضاف المصدر: هذا هو الواقع اللبناني في ظل الحرب على غزة وفي جنوب لبنان، وبالتالي لا انتخابات رئاسية في لبنان إلا بحصول عجيبة تسبق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بدليل أن كل المبادرات والمساعي الخارجية أطفأت محركاتها ليقين أقطابها بأن الوضع في لبنان عصي على الحلول. فمن المبادرة الفرنسية إلى مساعي اللجنة الخماسية إلى الوساطات العربية وما رافقها من تدخلات خارجية بالجملة، كلها محاولات تحلت بالعزيمة والجدية، لكنها لم تتمكن أمام تداعيات الحرب في غزة من اختراق جدار الشغور الرئاسي.
وتابع المصدر قائلا: الرئيس بري يعيش أفضل أيامه السياسية، فهو في موقع المسؤول الأول بالبلاد في ظل غياب رئيس الدولة وحكومة تصريف أعمال برئاسة نجيب الميقاتي، وهذا قد يستمر إلى العام 2026 موعد الانتخابات النيابية، التي من المتوقع أن تواجه تمديد ولاية المجلس الحالي، ما يعني أننا أمام ستاتيكو طويل الأمد.
وفي سياق منفصل وعن قراءته لأزمة رئاسة أركان الجيش بالتوازي مع اقتراب موعد انتهاء السنة الممددة للعماد جوزف عون على رأس المؤسسة العسكرية، أكد المصدر أن البحث يدور حاليا حول إيجاد صيغة تخلص إلى تشريع تعيين اللواء حسان عودة في موقعه رئيسا لأركان الجيش، مقابل إما أن يتولى الأخير زمام الإمرة العسكرية إلى جانب المجلس العسكري بكامل أعضائه، وهذا احتمال ضعيف، وإما ان يصار إلى تمديد سنة جديدة لعون مع تمديد سن التقاعد لكل الضباط من رتبة ملازم إلى لواء، وهذا أيضا احتمال ضعيف، وإما انعقاد مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين وتعيين قائد جديد للجيش على أن يترك لرئيس الجمهورية بعد انتخابه القرار بإبقائه في موقعه او إقالته وتعيين آخر، وهذا الاحتمال الأقرب إلى المنطق، علما انه في الحالات الثلاث حقيقة واحدة هي أنه من رئاسة الجمهورية إلى حاكمية مصرف لبنان إلى قيادة الجيش، وحدها المواقع المارونية معرضة للتجاذب والسقوط في أزمات حادة بحسب "الانباء" الكويتية.