أسبوعان مرّا على بيروت العاصمة وهي من دون مياه. أسبوعان كفيلان بتحويل حياة مليون ونصف مليون إنسان يعيشون في بيروت إلى جحيم في ظلّ ظروف اقتصادية واجتماعية وصحية ومناخية قاسية. انتعشت خلال هذه الفترة خدمة الصهاريج التي لم يتوقف هديرها في نطاق جديد عليها. وفي انتظار تنفيذ الوعود بحلّ المشكلة بعد إصلاح القسطل الذي يجرّ المياه من الضبية إلى بيروت، وُلدت مشكلات جديدة يحمّل عدد من أبناء العاصمة مسؤوليتها إلى «التيار الوطني الحر».
اعتصام تحذيريّ
قبل الواحدة من ظهر أمس بدأ تجمهر الأهالي الغاضبين أمام شركة مياه بيروت في تلة الخياط، تلبية لدعوة من مخاتير بيروت وملتقى الجمعيات البيروتية، احتجاجاً على انقطاع المياه التي غابت عن العاصمة منذ نحو الأسبوعين، مهدّدين بالتصعيد. تقول إحدى السيدات: «يبدو أن المسؤولين رأوا أننا لا نغضب فأعطوا الضوء الأخضر لمافيات السيترنات لتنهشنا هي الأخرى». مشيرة إلى أن سعر نقلة المياه (10 براميل) تكلّف بالحد الأدنى 500 ألف ليرة هذا بالإضافة إلى أن المياه لم تكن نظيفة. تتدخل سيدة أخرى لتؤكد أنه «لا تصل الدولارات من الخارج إلى كل الناس».
يصرخ المختار يوسف عيتاني «شو بدن نحفر قبورنا بإيدنا ونطمّ حالنا أحياء!» مشيراً إلى أن «موظف معاشه 3 ملايين لا يكفيه بدل تنقل تضيفون عليه عبء شراء المياه. بقي النفس لم ندفع حقه!».
وطالب المتحدثون المسؤولين بالتدخل فوراً وإعادة المياه إلى العاصمة ووضع حدّ لهذه الكارثة والكشف عمن يقف وراءها، علماً أن «بعض الأمراض المعوية والفيروسية والجلدية بدأت تنتشر نتيجة عدم توافر المياه» وفق ما أشارت الكلمات التي لامت نواب بيروت على «التركيز على ملفّ الأحوال الشخصية، واضعين هموم فقدان الماء والرغيف والكهرباء والاستشفاء والمال العام المنهوب في صف لاحق من مجالات الاهتمام».
في الإطار نفسه، أكد مختار ميناء الحصن عبد الرحمن يموت ضرورة الإعلان عن مسبّبي هذه المشكلات، متهماً القيّمين على وزارة الطاقة والمياه.
تعطّل المولّد
في أسباب المشكلة، تقول مصادر خاصة لـ«الأخبار» إن المشكلة في البداية كانت بسبب انفجار القسطل الذي يجرّ المياه إلى بيروت من الضبية وتمّ إصلاحه منذ أسابيع، وأعيد كسره مرة ثانية ثم جرى إصلاحه.
بعد الوقفة الاحتجاجية اجتمعت مجموعة من مخاتير بيروت وممثلي المدينة مع المهندس زياد صعب في شركة المياه لمناقشة المشكلة والتوصل إلى حلول مستدامة، فتبيّن وفق المصادر وجود مشكلات أخرى كتعطل المولّد في شركة المياه وسعته 1000Kva. أما صيانته فتتطلب، وفق المصادر، نحو 2000 دولار بالحد الأقصى «فهل يعقل أن مؤسسة المياه لا تملك هذه الأموال». وترفض المصادر تصديق هذه الحجة لأن «ثمة 250 ألف اشتراك يُجمع من بيروت سنوياً. الحد الأدنى يصل إلى مليوني ليرة من كل بيت، وتصل الجباية إلى 90%». لكنّ الأموال بحسب المصدر «كانت طيلة الأربع سنوات الماضية تُحوّل لمعالجة مشاكل كسروان لأغراض سياسية، وخصوصاً أن القائمين على الشركة تابعون للتيار الوطني الحر».
وفيما كان المفروض أن تعوّض مياه آبار الدامور والمشرف غياب مياه الضبية إلى حين إجراء الصيانة اللازمة، تسبّب انقطاع الكهرباء عن محطة الدامور، بالإضافة إلى غياب المازوت، في تعطيل هذا البديل محمّلاً الأهالي أعباء إضافية لم يعودوا قادرين عليها.
رحيل دندش - الأخبار