وأخيراً تجاوبت أكثرية النواب مع المساعي العربية والدولية لانتخاب العماد جوزاف عون رئيساً، بعد مناورات سياسية، وبهلوانيات حزبية، كادت أن تهدر الفرصة الذهبية المتاحة، عبر الإهتمام الإستثنائي الذي أظهرته عواصم القرار العربي والدولي بالوضع اللبناني، والحرص على الحفاظ على لبنان الدولة والجمهورية والكيان، رغم كل ما يعانيه من مشاكل معقدة وأزمات مستعصية، ضاعفت تفاعلاتها تداعيات الحرب الإسرائيلية المدمرة.
اليوم سيخرج الدخان الأبيض من مجلس النواب، راسماً ملامح أمل جديد في فضاء اللبنانيين التوَّاقين للخروج من جهنم الأزمات التي أوصلهم إليها العهد السابق، وتسبب بعزلة البلد عن محيطه العربي، بل والذهاب أبعد من ذلك، في إفتعال الخلافات مع الأشقاء العرب، وخاصة الدول الخليجية، وهو الأمر الذي فاقم الكوارث الإقتصادية،وضاعف المآسي الإجتماعية،وتسبب بسلسلة الإنهيارات المالية والنقدية والمعيشية.
إختيار العماد جوزاف عون لم يتم إعتباطا، أو بمجرد الصدفة، بقدر ما جاءت التسمية ترجمة عملية لمواصفات الرئيس العتيد التي توافقت عليها الدول الخمس: الولايات المتحدة والسعودية، وفرنسا ومصر وقطر، على إمتداد إجتماعات مندوبيها وسفرائها في بيروت طوال سنتين تقريباً، والتي تضمنت نقاطاً أساسية لمرحلة جديدة من العمل السياسي في لبنان.
في أساس مواصفات الخماسية أن يكون الرئيس العتيد غير متورط مع المنظومة السياسية في ملفات وصفقات فساد، وبعيداً عن محاور الإنقسامات العامودية التي شطرت النسيج اللبناني بين فريقي السيادة والممانعة، مع التأكيد على أن لا يشكل وجوده في الرئاسة تحدياً لأحد، ولا يُعتبر وصوله إلى قصر بعبدا إنتصاراً لفريق وإنكساراً لفريق آخر.
بقيت بعض الأطراف السياسية تحاول التملص من مواصفات الخماسية بحجج واهية، فكان أن قوبلت محاولاتها بموقف صلب من الموفدين الذين زاروا بيروت في الأسابيع ألأخيرة : جوزاف عون رئيساً توافقياً، أو الفوضى والإفلاس والمزيد من الأزمات.
وكان أن إنتصرت إرادة التوافق التي شكلت غطاءً دستورياً للعملية الإنتخابية بتأييد أوسع قاعدة نيابية ممكنة، قد تتجاوز المئة صوت بسهولة، وفتحت أبواب الإنقاذ على مصراعيها، عبر إعادة الإعتبار للسلطة الشرعية، وإستعادة الهيبة المفقودة للدولة،وإسترجاع الثقة العربية والدولية بدور لبنان العربي، وبقدرات اللبنانيين على النهوض من الكبوة الراهنة بأبسط الإمكانيات الممكنة.
شمس الدولة ستشرق من جديد مع إنطلاقة العهد الجديد.
ومبروك للبنان وللرئيس العماد.