لا أحد يزايد على مواقف المملكة التاريخية والثابتة والموثقة من دعمها ومساندتها للقضية الفلسطينية، وكل من يقول بما يخالف ذلك فهو يغالط الحقيقة، ويتجنى على الواقع، ويضع عقله في عيادة الاختبار للتأكد من سلامته.
مواقف المملكة الداعمة للقضية الفلسطينية كلفتها الكثير، دون أن تتنازل عن ثوابتها السياسية، أو تستسلم للإيذاء والتجريح حتى ممن يدعون أنهم يناصرون القضية الفلسطينية، بما في ذلك بعض العرب والفلسطينيين، وهم في حقيقة الأمر أكثر المتآمرين عليها.
مواقف المملكة لا تتغير ولا تتبدل، ولا تقبل المساومة، ولا تخضع لأي مزايدات سياسية، وتتمثل في نظرتها بأنه لا يمكن أن يتحقق سلام عادل وشامل دون مسار والتزام واضح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس.
وتطبيع المملكة مع إسرائيل يعتمد أولاً وأخيراً على قبول إسرائيل بخيار الدولتين، وعلى دولة فلسطينية مستقلة، ودون ذلك فلن يكون هناك اعتراف من المملكة بإسرائيل، حتى وإن حاول نتنياهو بتصريحاته صرف النظر عن جرائمه بتصريحات لا قيمة لها بتهجير الفلسطينيين من غزة وقيام دولة لهم على أراضي المملكة، وهو كلام رخيص وتافه وحقير، وقد شجبته واستهجنته الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة.
في بيان المملكة رفض مطلق لتصريحات هذا المدان من المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه حرب إبادة، وتطهيرا عرقيا في قطاع غزة، وهذا الرفض لتصريحه بمثابة رسالة واضحة للتأكيد على سيادة واستقلالية القرار السعودي، وأن تحقيق السلام العادل والشامل لن يكون دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
وعلى هذا المجرم المغتصب لأرض فلسطين أن يعي أن الشعب الفلسطيني صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها كما هو وبقية الصهاينة، حتى يتحدث عن طردهم، مع علمه بأن هذا الشعب الأبي سيظل راسخاً في أرضه، متشبثاً بها، لا يقبل بديلا عنها، ولن يستطيع أحد سلبه إياها.
لكن العقلية الاستعمارية المحتلة المتطرفة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لأهلها، وارتباطهم الوجداني والتاريخي والقانوني بها، كما أن هذه العقلية المتخلفة لم تستوعب بعد تعامل بيان المملكة مع نتنياهو، بإشارته إليه باسمه المجرد وليس كرئيس وزراء، وهذه رسالة واضحة بأن إسرائيل هي بنظر المملكة كيان غاصب، وفاقد للشرعية، ولا يمكن التعامل معه بأي حال من الأحوال دون إقامة الدولة الفلسطينية.
ويخطئ الكيان الإسرائيلي، أنه بتدمير غزة، وقتله عشرات الآلاف من نساء وأطفال وشيوخ وشباب، بإمكانه فك ارتباط الفلسطينيين بأرضهم، وأن الأجيال القادمة قد تنسى ما خلفته هذه الحرب من مآس، وأن نتنياهو وبقية المحتلين من الممكن أن ينجوا بأنفسهم من الغضب الكامن لدى الفلسطينيين الذي سوف يرتد على الغاصب المحتل.
بقي أن نقول للمتطرفين في حكومة الكيان الإسرائيلي، إن المملكة لن تتخلى عن القضية الفلسطينية، وأنها ستقف بحزم وقوة أمام أي محاولات للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي، أو ضم الأراضي الفلسطينية، أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وأن دعم أمريكا لإسرائيل في عدوانها وأطماعها وسياساتها لن يغير ولن يؤثر على سياسة المملكة الرافضة للتطبيع مع هذا الكيان المحتل ما لم تكن هناك دولة فلسطينية قابلة للحياة والعيش، دولة مستقلة على أساس خيار الدولتين.
الجزيرة السعودية