تغييرات جذرية جديدة في قوانين كرة القدم

يستعد عالم كرة القدم لمجموعة من التعديلات الجوهرية التي ستغير مسار اللعبة بدءاً من الموسم المقبل، ففي اجتماعها رقم 139، أعلن المجلس الدولي لكرة القدم (IFAB)، الهيئة المسؤولة عن وضع وتحديث قوانين اللعبة عالمياً، عن سلسلة من القواعد الجديدة التي ستؤثر على طريقة التحكيم، وتفاعل اللاعبين مع الحكام، وحتى كيفية تنفيذ قرارات الـVAR، كما سيتم فرض رقابة مشددة على حراس المرمى لضمان عدم إضاعة الوقت، في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة المباريات وتعزيز العدالة التحكيمية.

في واحدة من أكثر التعديلات اللافتة للنظر، قررت IFAB جعل قرارات تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) علنية، بحيث يتمكن الجماهير من معرفة أسباب اتخاذ الحكم للقرارات بعد مراجعة اللقطات.

هذه الخطوة تأتي استجابة لمطالب متزايدة من الأندية والمشجعين لتعزيز الشفافية وتقليل الجدل حول بعض القرارات التحكيمية المثيرة للجدل.

سيكون حراس المرمى أمام اختبار جديد مع بدء تطبيق قاعدة تمنعهم من الاحتفاظ بالكرة لأكثر من 8 ثوانٍ، وإلا فسيتم منح الفريق الخصم ركلة ركنية بدلاً من الركلة الحرة غير المباشرة التي كان يتم احتسابها سابقاً.

ولضمان تنفيذ هذا التغيير، سيلجأ الحكام إلى عدّ تنازلي باستخدام أيديهم بعد مرور 5 ثوانٍ، في محاولة لتسريع استئناف اللعب ومنع إهدار الوقت.

سيتم تطبيق توجيهات جديدة تنص على أن قائد الفريق وحده هو المخول بالتحدث مع الحكم في مواقف محددة، وقد تم اختبار هذه القاعدة بنجاح في بعض بطولات الموسم الماضي، وأثبتت فعاليتها في تقليل حالات الجدل والاعتراضات الجماعية، والتي كانت تؤدي في بعض الأحيان إلى مشاحنات لفظية أو جسدية بين اللاعبين والحكام.

الهدف من هذه الخطوة هو تعزيز روح الاحترام بين اللاعبين وحكام المباريات، وهو أمر أساسي للحفاظ على القيم الرياضية للعبة.

كما سيتم إجراء تعديل على قاعدة "الإسقاط" بحيث يُعاد اللعب إلى الفريق الذي كان في حيازة الكرة قبل توقف المباراة، ما لم يقرر الحكم خلاف ذلك.

وإذا كانت الكرة خارج منطقة الجزاء عند توقف اللعب، فسيتم إسقاطها للفريق الذي كان سيستحوذ عليها بشكل طبيعي، كما سيتم إلغاء إعادة الكرة للفريق الذي لمسها آخر مرة قبل التوقف، لضمان عدالة أكبر في استئناف اللعب.

أما فيما يتعلق بقاعدة خروج الكرة من الملعب، فسيتم منح ركلة حرة غير مباشرة دون توقيع عقوبات تأديبية إذا لمس أي فرد من الطاقم الفني، أو أحد اللاعبين البدلاء، أو لاعب مطرود، أو أي لاعب مؤقتاً خارج الملعب الكرة دون نية متعمدة للتدخل في اللعب.

في قرار ثوري آخر، أعلنت FIFA عن نيتها تجربة الكاميرات المثبتة على أجساد الحكام في المباريات، بهدف تقييم جدواها في تحسين التحكيم وتقديم تجربة بصرية أكثر واقعية للجماهير.

ومن المقرر أن يتم تطبيق هذه التجربة في كأس العالم للأندية 2025، على أن يتم تحليل البيانات الناتجة عن التجربة لاستخدامها في التدريب وتعزيز الأداء التحكيمي مستقبلاً.

هذا القرار جاء بعد ردود فعل إيجابية من بطولات سبق وأن سمحت للحكام باستخدام الكاميرات في عدد محدود من المباريات رفيعة المستوى، حيث تم توظيف التسجيلات لاحقاً لأغراض تعليمية وتحليلية.

ومن بين القوانين التي تخضع للمراجعة حالياً، تأتي قاعدة التسلل التي طالما أثارت جدلاً، خاصة مع استخدام تقنية VAR التي تحتسب التسلل بناءً على الفارق بين اللاعبين ولو كان ضئيلاً للغاية.

مدرب آرسنال السابق، أرسين فينغر، اقترح تعديل القاعدة بحيث لا يُعتبر اللاعب في وضعية تسلل إلا إذا كان جسمه بالكامل متقدماً عن آخر مدافع، أي أن وجود أي جزء من جسمه على خط واحد مع المدافع سيجعله في موقف قانوني.

هذه الفكرة تهدف إلى زيادة عدد الأهداف وتحفيز كرة القدم الهجومية، وهي قيد الدراسة من قبل IFAB، حيث سيتم تجربتها في بعض البطولات قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن تعميمها عالمياً.

وفي بيان رسمي، أكدت IFAB أنها تبحث عن دوريات مستعدة لاختبار هذه القاعدة الجديدة، وأوضحت أن FIFA ستجري تجارب على التعديل المحتمل في بعض بطولاتها القادمة لتقييم تأثيره على ديناميكية المباريات.

إلى جانب هذه التعديلات، ستواصل IFAB العمل على تطوير نظام VAR المبسط، الذي يُعرف باسم "Football Video Support".

وهذا النظام، سيعتمد على عدد أقل من الكاميرات مقارنة بالـVAR التقليدي، ويهدف إلى توفير حلول تحكيمية للفئات الأدنى من المسابقات، حيث تكون الميزانيات محدودة.

ووفي هذا النظام، لن يكون هناك غرفة مراجعة الفيديو (VOR) بها عدة حكام لمتابعة اللقطات، بل سيقتصر الأمر على إمكانية طلب المدربين مراجعة لقطة ما مرتين فقط خلال المباراة، ما يجعل التقنية أكثر مرونة وأقل تكلفة.

بحسب قرارات IFAB، يمكن للاتحادات المحلية اختيار تطبيق هذه القواعد الجديدة قبل 1 تموز/يوليو 2025 أو الانتظار حتى بداية الموسم التالي، إلا أن FIFA أكدت أن غالبية هذه القوانين ستكون سارية خلال كأس العالم للأندية 2025، التي ستنطلق في 14 حزيران/ يونيو 2025.

لا شك أن هذه التغييرات الكبيرة ستُحدث تحولاً ملموساً في طريقة لعب كرة القدم وتحكيم المباريات، حيث تهدف إلى زيادة الإثارة، تعزيز النزاهة، وتحسين التواصل بين الحكام واللاعبين.

ومع دخول هذه القواعد حيز التنفيذ، يبقى السؤال: كيف سيتفاعل اللاعبون والجماهير مع هذه التعديلات الجديدة؟

الأيام القادمة ستكشف عن تأثير هذه الإصلاحات على اللعبة الأكثر شعبية في العالم.

يقرأون الآن