قررت منظمة أوبك ضخ كميات إضافية من النفط إلى الأسواق العالمية ابتداءً من شهر أبريل المقبل، بمعدل يقدر بحوالي 120.000 برميل يومياً. ولكن يبقى التساؤل مطروحاً: لماذا في هذا التوقيت تحديداً، في حين أن الأسواق النفطية تبدو متوازنة، إن لم نقل مشبعة بالعرض، مما يجعل هذه الزيادة تبدو غير مبررة؟ لا سيما أن الدول المنتجة خارج (أوبك+) لا تزال تضخ كميات كبيرة من النفط، مما يعزز التخمة في الأسواق.
عند النظر إلى الأسعار الحالية للنفط، والتي تتراوح بين 69 و70 دولاراً للبرميل، يتضح أن هذا القرار يمثل أول زيادة في الإنتاج تقررها المنظمة منذ عام 2022. فهل هذا القرار مبني على اعتبارات اقتصادية بحتة، أم أن له أبعاداً سياسية تهدف إلى تجنب الانتقادات الخارجية، رغم أن تداعياته قد تؤدي حتماً إلى الضغط على نطاق الأسعار، وربما إلى تفاقم العجز المالي الذي تعاني منه العديد من دول المنظمة، والتي هي في أمسّ الحاجة إلى كل دولار لسد هذا العجز المستمر منذ أكثر من خمس سنوات؟
كانت سياسة خفض الإنتاج تهدف في الأصل إلى امتصاص الفائض النفطي، وحماية الأسعار، وتأمين الاستثمارات النفطية على المدى الطويل. لكن قرار رفع الإنتاج، في ظل توقعات بانخفاض الطلب العالمي على النفط، يطرح تساؤلات حول مدى وجاهته، لا سيما مع تزايد الضغوط الاقتصادية العالمية، واتجاه الإدارة الأميركية إلى فرض ضرائب إضافية قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وتراجع النشاط الاقتصادي. فالولايات المتحدة تفرض ضرائب على المكسيك، وكندا، والصين، وهذه الدول بدورها تفرض ضرائب مماثلة، مما يهدد بحالة من الركود الاقتصادي.
يبقى السؤال الأهم: هل من الممكن أن ترتفع أسعار النفط لاحقاً في حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران، مما قد يجبرها على خفض إنتاجها إلى ما دون 500.000 برميل يومياً، مقارنة بمستوى إنتاجها الحالي الذي يتراوح بين 1.5 و2 مليون برميل يومياً؟ وإذا حدث ذلك، فسيؤثر بلا شك على الإمدادات النفطية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وهو ما يتعارض مع توجهات الإدارة الأميركية الساعية إلى خفض أسعار النفط.
من هذا المنطلق، قد يكون قرار أوبك ذا بعد سياسي أكثر منه اقتصادياً، استجابةً للضغوط السياسية الحالية. ومع ذلك، فإنه قد يؤدي لاحقاً إلى تحسن أسعار النفط، خاصة إذا قررت الإدارة الأميركية فرض عقوبات على إيران، أو ممارسة ضغوط إضافية على الصادرات النفطية الروسية. لكن يبقى علينا الانتظار لمعرفة تداعيات هذا القرار في المستقبل.