العراق آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

"من الاجداد الى الاحفاد ".. جدارية في ذكرى تأسيس الحشد في بغداد

توسطت جدارية كبرى ، موسومة بعبارة " من الأجداد إلى الأحفاد.. راية لم تُدنّس "، ساحة الفردوس في العاصمة بغداد، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس الحشد الشعبي.

وفي مثل هذه الأيام من كل عام، يحيي العراق ذكرى تأسيس هيئة الحشد الشعبي، والتي أصبحت منذ تأسيسها في عام 2014 أحد أبرز الركائز الأمنية والعسكرية في البلاد. نشأت الهيئة استجابةً لفتوى "الجهاد الكفائي" التي أطلقها المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، إثر اجتياح تنظيم "داعش" لمناطق واسعة من شمال وغرب العراق، وعلى رأسها مدينة الموصل.

من نداء المرجعية إلى تشكيل قوة وطنية

جاءت فتوى السيستاني في 13 حزيران/يونيو 2014، بمثابة الشرارة التي دفعت عشرات الآلاف من المتطوعين إلى الالتحاق بالقوات المسلحة للدفاع عن العراق. وتطورت تلك القوات لاحقًا إلى تشكيل مؤسساتي تحت اسم "هيئة الحشد الشعبي"، بقرار من الحكومة العراقية، ليتم ضمها رسميًا إلى المنظومة الأمنية للبلاد.

وبالرغم من بداياته كقوة تطوعية، أصبح الحشد الشعبي اليوم مؤسسة عسكرية معترف بها، تخضع للقانون العراقي وترتبط إداريًا برئاسة الوزراء، ويُقدر عدد منتسبيه بنحو 150 ألف عنصر موزعين على عشرات الألوية والفصائل.

دور حاسم لا يُنسى

لعب الحشد الشعبي دورًا محوريًا في معارك تحرير المحافظات العراقية من قبضة داعش، إلى جانب القوات المسلحة والشرطة الاتحادية وقوات البيشمركة. وقد ساهم الحشد في عمليات حاسمة مثل تحرير تكريت، الفلوجة، الموصل، والحدود الغربية، ما عزز من شرعيته ومكانته في نظر شريحة واسعة من الشعب العراقي.

الهيئة بين التأييد والانتقادات

ورغم شعبيته بين شرائح اجتماعية واسعة، لا يخلو الحشد الشعبي من الانتقادات، خاصة فيما يتعلق بتداخل بعض فصائله في الشأن السياسي، واتهامات بتجاوزات وانتهاكات خلال العمليات العسكرية. كما أثارت علاقة بعض فصائل الحشد بإيران قلقًا دوليًا ومحليًا، ما دفع الحكومة العراقية إلى السعي لتنظيم عمل الهيئة وإعادة تأكيد سيادة الدولة على جميع الفصائل المسلحة.

رمزية الاستمرار والتحديات المقبلة

تحلّ ذكرى تأسيس الحشد الشعبي هذا العام وسط تحديات سياسية وأمنية متجددة، أبرزها التوترات في الإقليم، ومحاولات إعادة بناء الدولة العراقية على أسس مؤسساتية قوية. ويؤكد قادة الهيئة في خطاباتهم بهذه المناسبة على "ثبات الموقف الوطني للحشد" وعلى أن دورهم "سيبقى داعمًا للدولة، لا بديلاً عنها".

كما يشهد هذا العام فعاليات احتفالية رسمية وشعبية في بغداد وعدد من المحافظات، تخليدًا لذكرى التأسيس، وتكريمًا لضحايا المعارك الذين قدموا أرواحهم دفاعًا عن الوطن.

بين ماضٍ حافل وتطلعات مستقبلية

يبقى الحشد الشعبي إحدى أكثر التجارب العسكرية والأمنية إثارةً للجدل والاهتمام في تاريخ العراق الحديث. وبين التضحيات التي قدمها والتحديات التي تواجهه، تظل ذكرى التأسيس فرصة لإعادة النظر في موقع هذه الهيئة ضمن مشروع بناء الدولة، بعيدًا عن الاصطفافات السياسية، وبما يضمن حفظ سيادة العراق وأمن مواطنيه.

يقرأون الآن