سوريا

بالأرقام.. شبكة سورية توثّق انتهاكات وجرائم مسؤول بنظام الأسد

بالأرقام.. شبكة سورية توثّق انتهاكات وجرائم مسؤول بنظام الأسد

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الأربعاء، تقريراً يؤكد تورّط وزير الداخلية السابق في عهد نظام الأسد المخلوع، محمد الشعار، في ارتكاب انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.

وأفاد التقرير بأن وزارة الداخلية السورية في عهد الشعار ارتكبت أكثر من ربع مليون انتهاك توجب المحاسبة الحتمية، مؤكداً أن الشعار كان "مشرفاً مباشراً على سياسات القمع الممنهج".

وأكدت الشبكة السورية أن "السجل الأسود من الجرائم" للوزير السابق، شمل القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، والإعدامات غير القانونية، والتهجير القسري، كما شارك في تنفيذ قرارات المحاكم الاستثنائية، كالميدان العسكرية ومحكمة قضايا الإرهاب، والتلاعب بسجلات المختفين قسرياً، وقمع حالات التمرد داخل السجون المدنية باستخدام الرصاص الحي.

الانتهاكات بالأرقام

وبلغت أعداد الانتهاكات المرتكبة من وزارة الداخلية والأجهزة التابعة لها خلال فترة الشعار، 256 ألفاً و364 انتهاكاً، بحسب إحصاءات "الشبكة السورية" التي أشارت إلى أن الأرقام لا تشمل "عشرات الآلاف من ضحايا التهجير القسري الذين لعبت الوزارة أدواراً مختلفة في تهجيرهم، وكذلك الآلاف الذين حرموا من الحصول على وثائقهم الرسمية".

ووثقت الشبكة مقتل 10 آلاف و452 مدنياً، بينهم 803 أطفال و737 سيدة، على يد قوات الشرطة والأمن السياسي التابعَين لوزارة الداخلية، خلال عمليات قمع التظاهرات في مختلف المحافظات السورية واستهدافها بالرصاص، منذ 14 نيسان 2011، وحتى تشرين الثاني 2018.

ووثقت أيضاً، مقتل ما لا يقل عن 32 شخصاً تحت التعذيب داخل فروع الأمن الجنائي، وذلك في الفترة بين 14 نيسان 2011، وحتى تشرين الثاني 2018، واختفاء ما لا يقل عن 326 شخصاً، بينهم 12 طفلاً و9 سيدات، ما يزالون قيد الاختفاء القسري داخل هذه الفروع خلال الفترة ذاتها.

ووثقت الشبكة مقتل ما لا يقل عن 83 شخصاً، بينهم 3 أطفال، تحت التعذيب داخل فروع الأمن السياسي، واختفاء ما لا يقل عن ألف و459 شخصاً، بينهم 23 طفلاً و14 سيدة، ما يزالون في عداد المختفين قسراً داخل فروع الأمن السياسي التابعة لنظام بشار الأسد خلال الفترة ذاتها.

ووثقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن ألف و608 حالات اعتقال، بينهم 18 طفلاً و198 سيدة، بالإضافة إلى 73 شخصاً سبق أن أجروا تسوية لوضعهم الأمني، وذلك في أثناء وجودهم في دوائر الهجرة والجوازات في عدة محافظات سورية لإجراء معاملاتهم.

وأحصت الشبكة مقتل ما لا يقل عن 110 معتقلين في السجون المدنية، منهم 17 نتيجة لإطلاق رصاص الشرطة، و93 آخرين نتيجة التعذيب، والإهمال الطبي، وسوء التغذية، كما وثقت مقتل ما لا يقل عن 93 معتقلاً داخل السجون المركزية في مختلف المحافظات السورية بين 14 نيسان 2011، وحتى تشرين الثاني 2018، نتيجة التعذيب الممنهج والإهمال الطبي المتعمد، بما في ذلك رفض تقديم الرعاية الصحية للمعتقلين أو الاستجابة لحالاتهم الصحية الحرجة، وسوء التغذية، الذي تسبب في تدهور حالتهم الصحية وأدى إلى وفاتهم.

إعدام عناصر وضباط منشقين

وبحسب قاعدة بيانات الشبكة، فإن وزارة الداخلية تواطأت في تنفيذ أحكام الإعدام بحق 843 عنصراً وضابطاً من الشرطة المنشقين، في الفترة الممتدة بين آذار/مارس 2011، وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2018.

ووثق التقرير، تنفيذ وزارة الداخلية 11 ألفاً و267 إجراءً لمصادرة الممتلكات، وإصدار 115 ألفاً و836 تعميماً، و112 ألف مذكرة مذكرة بحث صدرت عن شعبة الأمن السياسي، ما عزَّز عمليات القمع والملاحقة الأمنية.

ووثقت الشبكة السورية ما لا يقل عن ألف و661 مختفياً قسراً سُجلوا رسمياً على أنهم متوفون، بينهم 50 طفلاً و21 سيدة، إضافةً إلى 16 من الكوادر الطبية و10 من الكوادر الإعلامية، وذلك في الفترة الممتدة من بداية عام 2018 وحتى سقوط النظام في 8 من كانون الأول 2024.

وأكد التقرير أن الجرائم المرتكبة تشكل انتهاكات لاتفاقيات دولية صدقت عليها سوريا، أبرزها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب، ما يفتح الباب أمام ملاحقة الشعار قضائياً أمام المحاكم الوطنية والدولية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وفي ختام تقريرها، قدمت الشبكة توصيات للحكومة الانتقالية في سوريا، شملت محاسبة الشعار وجميع المتورطين في الانتهاكات، والتحقيق الشامل في دور وزارة الداخلية، وحماية حقوق الضحايا، وإصلاح الوزارة، وإلغاء الإجراءات التعسفية الصادرة عنها، وتكثيف التعاون الدولي، ودعم المنظمات الحقوقية، وإنشاء آلية وطنية للعدالة الانتقالية تضمن المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

من هو اللواء محمد إبراهيم الشعار؟

في الخامس من شباط الماضي، أعلنت وزارة الداخلية السورية، أن الشعار سلّم نفسه بعد ملاحقته أمنياً ومداهمة مواقع اختبائه.

وأوضحت الوزارة في بيان أن "وزير الداخلية في حكومة النظام البائد، محمد الشعار، سلّم نفسه لإدارة الأمن العام في الجمهورية العربية السورية، بعد ملاحقات من قبل إدارة الأمن ومداهمة مواقع اختبأ بها خلال الأيام الماضية".

وولد محمد الشعار في مدينة الحفة بريف اللاذقية عام 1950، وانتسب إلى الجيش والقوات المسلحة عام 1971، حيث تدرج في الرتب العسكرية.

خلال فترة حكم النظام السابق، تقلد الشعار عدة مناصب، من بينها وزير الداخلية، وقائد الشرطة العسكرية، ورئيس فرع المنطقة 227 في دمشق عام 2006، إضافة إلى رئاسته فرعي الأمن العسكري في حلب وطرطوس، كما خدم في لبنان ضمن شعبة المخابرات العسكرية، وفق موقع "مع العدالة".

يُعد اللواء الشعار أحد الشخصيات البارزة في لبنان خلال عهد غازي كنعان، حيث أشرف على مشاركة القوات السورية في أحداث طرابلس - باب التبانة في كانون الأول 1986، والتي راح ضحيتها نحو 700 مدني، بينهم أطفال. ومنذ ذلك الحين، أُطلق عليه لقب "سفاح طرابلس". كما يُعتبر أحد المتورطين في انتهاكات سجن صيدنايا عام 2008، بحسب الموقع.

تولى الشعار وزارة الداخلية بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيث لعبت الوزارة دوراً محورياً في التعامل مع التطورات الأمنية المتسارعة. وكان الشعار أحد أبرز أعضاء "خلية الأزمة" التي شكلها النظام لمواجهة الاحتجاجات ومحاولة فرض السيطرة على الوضع الداخلي.

في 18 من تموز 2012، نجا الشعار من تفجير استهدف مكتب الأمن الوطني في دمشق، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل شخصيات أمنية بارزة، من بينهم وزير الدفاع العماد داوود راجحة، ونائبه العماد آصف شوكت، وغيرهما.

ومنذ منتصف عام 2011، أُدرج اسم محمد الشعار على قوائم العقوبات الغربية، حيث فُرضت عليه قيود مشددة بسبب دوره في قمع الاحتجاجات، وما يزال يخضع لهذه العقوبات حتى اليوم. 

يقرأون الآن