ليست صدفة أن يُستهدف فى اليوم الأول للحرب علماء إيرانيون متخصصون فى مجال الطاقة النووية، وليست صدفة أيضاً أن يكون الرد الإيرانى القاسى على إسرائيل هو استهداف معهد وايزمان للعلوم، الحرب لم تستدعِ فقط الاقتباسات والنصوص الدينية، مثل «الأسد الصاعد» من التوراة و«الوعد الصادق» من فقه الشيعة، ولكنها استدعت معادلات الفيزياء والكيمياء من المراجع العلمية والمجلات المحكمة، فالدولة التى نستطيع أن نقول إنها تنافس إسرائيل فى عدد الأبحاث العلمية المنشورة فى مجلات علمية محكمة معتبرة وفى مؤتمرات معترف بها هى إيران، ورغم الظروف الصعبة التى يعيش فيها العلماء والطلبة والجامعات هناك تحت نظام حكم دينى، فإن هؤلاء العلماء، ورغم تلك الظروف القاسية، ورغم تفكير الملالى البعيد عن أى منهج علمى، استطاعوا المرور من ثقب الإبرة!!، وقدروا على المنافسة والبروز فى المحافل العلمية، الحرب ليست بين «إف 35» وصواريخ باليستية فقط، ولكنها صراع بين مراكز بحثية وجامعات علوم تجريبية، هى معركة عقول، والذى سينتصر ويحسم المعركة هو الأكثر قدرة على تطبيق الفكر والمنهج العلمى وتطوير التكنولوجيا الحديثة، استدعاءات النصوص الدينية هى للشحن المعنوى فقط وتجييش الشارع الذى تُحركه العواطف الدينية، لكن على الأرض وفى الواقع وداخل الغرف السرية، يظل العلم هو الفيصل، وإليك تلك المقارنة السريعة:
1 - حجم الإنتاج العلمى:
■ إيران: ارتفع عدد الأبحاث السنوية من 1٫000 بحث عام 1997 إلى أكثر من 50٫000 بحث عام 2018، بين 2019 و2000 نشرت نحو 188٫000 ورقة، بزيادة 30 ضعفاً، وتحتل الآن المرتبة 16 عالمياً فى الإنتاج البحثى الكمى (Scimago، مارس 2025).
■ إسرائيل: رغم أن إنتاجها السنوى أقل من إيران إجمالاً، إلا أن إنتاجها البحثى عالى الجودة بالنسبة للسكان، حسب Nature Index وBloomberg، وتأتى ضمن أفضل 15 - 20 دولة عالمياً فى الابتكار، وتمتلك ما يقارب 140 باحثاً لكل 10٫000 موظف، وهى نسبة عالمية قياسية.
2 - النسبة للفرد (papers per capita) والتأثير:
■ إيران: رغم الكم الهائل، هناك مشكلة فى الجودة ومعدلات الانسحاب (retractions)، إذ سجّلت مستويات عالية من الأبحاث المسحوبة، نسبة الأبحاث المشتركة دولياً ضئيلة نسبياً، مما ينعكس على معدل الاستشهاد والاستفادة.
■ إسرائيل: تحتل المرتبة 13 عالمياً من حيث عدد الأبحاث لكل مليون مواطن، وتسجل أعلى نسبة مساهمة إنجازات بحثية بارزة مثلها مثل Weizmann Institute، التى تُعتبر من بين أفضل 25 معهداً عالمياً.
3 - القوة النوعية (التخصصات والمجاميع البحثية):
■ إيران: تركز على العلوم الأساسية (41%)، والهندسة (22%)، والطب (22%)، تقدّمت لمراتب قوية عالمياً فى مجالات مثل النانو، والكيمياء، والفيزياء، والصيدلة.
■ إسرائيل: تتفوّق بجودة البحث والتكنولوجيا التطبيقية، ومعاهد مثل Weizmann وTechnion وHebrew University تسجل تأثيراً عالياً فى علوم مثل الحوسبة، والكيماويات، والهندسة.
4 - تمويل البحث والإنفاق على R&D:
■ إيران: الإنفاق على R&D كان: 0.5% من الناتج عام 2001، وصل إلى 0.67% عام 2008، ثم انخفض إلى ≈0.3% عام 2012، وهدف 4% من الناتج بحلول 2025، ولكنه لم يتحقق.
■ إسرائيل: تنفق 4.3% من الناتج الوطنى سنوياً على البحث والتطوير (مرتبة متقدمة عالمياً)، وقطاع صناعى نشط يسهم بنحو نصف ميزانية البحث، ومدعوم بحوافز وتشريعات قوية.
5 - التعاون الدولى ونقل التكنولوجيا:
■ إيران: نحو 20% فقط من الأبحاث مشتركة دولياً، بنية تحتية متنامية: مجلات مثل Scientia Iranica، وتضم جامعات مرموقة.
■ إسرائيل: بيئة بحثية متداخلة مع الصناعة، وحدات نقل تقنى قوية مثل Yeda وYissum منذ عقود، استقطاب مؤسسات البحث العالمية، ومراكز R&D لشركات دولية متعدّدة داخل إسرائيل.
الوطن