سجالٌ جديدٌ بين القوى السياسية يسبق دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي المرتقبة لعقد جلسة تشريعية الأسبوع المُقبل أو الأسبوع الذي يليه، وقبيل ساعات من اجتماع هيئة مكتب المجلس لوضع جدول اعمال الجلسة اشتعلت حرب البيانات بين الفريق الذي يعارض انعقادها ويعتبره غير دستوري وغير شرعي في ظلّ الاستمرار بالفراغ الرئاسي، والفريق الذي يشدّد على عقدها انطلاقاً من مبدأ تشريع الضرورة لاقرار القوانين الملّحة، وأبرزها قانون الكابيتال كونترول.
وكان اللافت في ظل هذا السجال توقيع النواب المعارضين الـ46 على بيان مسهب حدّدوا فيه الاسباب الموجبة لمعارضتهم عقد هذه الجلسة معتبرين أنَّ أي نشاط سياسي يمكن حصوله قبل انتخاب رئيس الجمهورية هو عمل غير دستوري وغير شرعي، علماً أنَّ هؤلاء النواب ينتمون الى بعض أحزاب المعارضة وهم تكتل الجمهورية القوية والكتائب والنواب التغييرين والمستقلين، ما قد ينذر بانسحاب هذا الخلاف على الاستحقاق الرئاسي مع انعدام المؤشرات لحصوله في وقت قريب في ظلّ هذه الاجواء.
في هذا السياق، اعتبرَ عضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش في اتصال مع "الأنباء" الإلكترونية ان الجلسة التشريعية المنوي انعقادها "طارت" وأصبحت بحكم الملغاة بعد البيان الموقع من قبلهم كنواب يعارضون انعقادها وعددهم 46 نائباً، وإذ استبعدَ الاصرار على عقدها في ظل الشغور الرئاسي باعتبارها غير دستورية وغير شرعية ولا تستقيم بغياب رئيس الجمهورية، علّقَ على كلام الرئيس بري تصميمه على الدعوة الى جلسة مفتوحة بالقول ليدعو برّي لهكذا جلسة ونحن جاهزون للبقاء في المجلس حتى انتخاب الرئيس.
في المقابل، أكّد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن الجلسة النيابية ستعقد في موعدها حتّى ولو أنَّ هناك 46 نائباً يعارضون ذلك، لأنَّ انعقادها يتطلب 65 نائباً بخلاف جلسة انتخاب الرئيس فهي تتطلب اكثرية مطلقة، لافتاً إلى أنَّ جدول أعمال هذه الجلسة يتضمن بنوداً مهمة أبرزها قانون الكابيتال كونترول الذي يجب أن يقرّ بظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، وبذلك فلا يمكن تأجيلها، مستغرباً رفض البعض للتشريع وعدم المشاركة بالحوار كما يعارضون اجتماع مجلس الوزراء، مستطرداً هل يمكن للنواب المعارضين الـ46 المشاركة بالحوار الذي دعا اليه الرئيس بري واذا رفضوا كيف يمكن التواصل معهم لانتخاب رئيس الجمهورية؟
وفي الإطار، أشارَ خواجة إلى أنَّ خلال 11 جلسة انتخابية لم يبرهن أي فريق أن لديه النصاب المطلوب لانتخاب رئيس، سائلاً: "هل المطلوب الفراغ الشامل وشلّ المجلس خصوصاً وأننا بحاجة لقوانين لتسيير المرافق العامة وما له علاقة بحياة الناس؟"، مستغرباً ذهنية تعميم الفراغ. وإذ شدّد على ان الرئيس بري دعا هيئة مكتب المجلس الى الانعقاد غداً الاثنين لمناقشة موضوع الجلسة ليبنى على الشيء مقتضاه، أكد خواجة مرة جديدة أن الجلسة قائمة ولن نقبل بشلّ المجلس تحت أي ظرف باعتباره المؤسسة الدستورية القائمة، علماً أنّ الضرورة اليوم لإعادة الانتظام للمؤسسات من خلال انتخاب الرئيس واصلاح الخلل لان انتخابه له شروطه ولا يمكن تجاوزها، مذكّراً أنَّ نسبة الاصوات التي نالها النائب ميشال معوض في الجلسات الـ11 التي عقدت تراوحت ما بين 34 و44 نائباً ما يعني أن ليس هناك أغلبية مطلقة وبالتالي ليس هناك من فريق يستطيع ان يؤمن هذه الاغلبية.
ودعا خواجة بعض النواب المعارضين للمشاركة بالحوار والشروع بفكفكة العقد سوياً، لأن بوابة الحل، برأيه، تبدأ من خلال انتخاب الرئيس واذا كان لديهم خيار أفضل فليتقدموا به.
إذاً، ممّا لا شكّ فيه أنَّ البلاد لا تحتمل المزيد من التعطيل في المؤسسات، خصوصاً في ظلّ الإنهيار المتفشّي على الصُعد كافة، لذا تبقى الأهمية لتسيير شؤون المواطنين بغضّ النظر عن تصفية الحسابات والمصالح السياسية المُتضاربة.