في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة النازحين الى لبنان، كشفت الأرقام الأسباب العميقة التي تجعل تدفق السوريين الى لبنان لا يتوقف، حتى إنّ كل رقم عن عدد هؤلاء النازحين يجب تحديثه يومياً، بسبب تدفق شلال النزوح. ويأتي تعاظم هذه الأزمة وسط مواقف مثيرة للاستغراب، وآخرها ما صدر عن الاتحاد الأوروبي الذي أعلن جهاراً قبول استباحة النازحين للبنان بذرائع صارت واهية جداً. كما يأتي تعاظم الأزمة وسط معلومات عن سياسة المفوضية العليا للاجئين التي لا تكتفي بضرب الرفض اللبناني لسياستها حيال اللاجئين المسجلين لديها عرض الحائط، بل ذهبت الى حدّ تبنّي سياسة شجّعت مئات الالوف من النازحين غير المسجلين كي يتدفقوا الى لبنان.
وبحسب المعلومات التي أوردتها مصادر ديبلوماسية، كشفت فيها أنّ المفوضية العليا للاجئين تدفع حالياً رواتب شهرية لـ850 ألف نازح مسجّلين على لوائحها، إضافة الى مساعدات سخيّة تجعل النازحين يتشبثون بالبقاء في لبنان، وهذا أمر معروف. أما ما ليس معروفاً، فهو أنّ المفوضية تعاملت مع الموجات الجديدة من النزوح غير المقيّد في اللوائح، بإعطاء النازح 10 دولارات يومياً، أي ما يعادل 300 دولار شهرياً، وما مجموعه 270 مليون دولار شهرياً يستفيد منها نحو 900 ألف نازح غير مسجل. وعندما نتحدث عن 300 دولار شهرياً ينالها النازح، معنى ذلك أنّ كثيرين ممن لا يزالون في سوريا، سيقاتلون كي يصلوا الى لبنان.
وفي الإطار نفسه، وفي تطور خطير، أعلن الناطق الرسمي للإتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس ميغيل بوينو، أنه "لا عودة للنازحين السوريين في الوقت الحالي، ويجب مساعدتهم في لبنان"، وقال: "إنّ الاتحاد يتكل على التقييم الذي تجريه وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، ولا سيما المفوضية العليا للاجئين". وأضاف أنه بناء على هذا التقييم فإن "ظروف عودة النازحين الى سوريا بكرامة وطواعية غير متوافرة". وخلص الى القول: "إذا تحدثنا عن لبنان تحديداً، فنحن ندعم منذ زمن السلطة اللبنانية والوكالات الموجودة من أجل استضافة هؤلاء النازحين".
وعلى الصعيد الداخلي من المعالجات، أشار رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان بعد جلسة للجنة أمس أنها "كانت مخصصة بالكامل لموضوع الوجود السوري في لبنان". وأكد أنّ "لبنان ليس بلداً سائباً أو وطناً سائباً، وإن كانت أجهزته ومؤسساته مقصّرة. واليوم كل اللبنانيين أكانوا نواباً أو غير نواب مدعوين للوقوف سداً منيعاً في وجه هذا الوجود السوري ومخاطره المحدقة بلبنان".
أما على المستوى الحكومي، فمن المقرر أن يعقد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي اجتماعاً عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، مع عدد من المحافظين في حضور عدد من رؤساء البلديات لمتابعة التعاميم الصادرة عن النزوح السوري.
في السياق حذرت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان من "إعصار آت" في ملف الهجرة، متهمة المعارضة العمالية بالسعي "لفتح الحدود".
في اليوم الثالث لمؤتمر حزب المحافظين في مانشستر (شمال إنكلترا) رأت وزيرة الداخلية ذات الأصول الهندية، أن "رياح التغيير التي نقلت والديها عبر أقطار العالم في القرن العشرين لا تقارن بالإعصار الآتي".
وأضافت أن "الطلب سيتجاوز العرض دائما" ملوحة بشبح وصول "ملايين" المهاجرين الإضافيين إلى الشواطئ البريطانية في تدفق "يخرج عن السيطرة ولا يمكن التعامل معه" ما لم تتصرف الحكومة التي ستتولى السلطة العام المقبل "بشكل حاسم".
وفي خطاب سخرت فيه من الخطر "الداهم" الذي تجسده في نظرها المعارضة العمالية، شددت وسط تصفيق حاد على "الحدود القوية" التي يدافع عنها المحافظون، والغياب المفترض للحدود مع حزب العمال الذي يتصدّر استطلاعات الرأي للانتخابات التشريعية المقبلة.
وأشادت بالانخفاض بنسبة 20% في أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة مقارنة بالعام الماضي، وبحسب أحدث الأرقام بلغ عددهم 25 ألفا منذ كانون الثاني.
وندّدت برافرمان التي كانت من أشد المنتقدين للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي نقضت المشروع البريطاني لترحيل المهاجرين الوافدين إلى الأراضي البريطانية بشكل غير نظامي، إلى رواندا، بـ"القواعد الدولية الجديرة بان تطبق في عصر آخر".