اجتاح مقاتلون من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بلدات إسرائيلية أمس السبت وقتلوا ما لا يقل عن 300 إسرائيليا وأسروا العشرات من المدنيين والجنود في أعنف يوم دموي تشهده إسرائيل منذ حرب "يوم الغفران" قبل 50 عاما.
وردا على هجوم حماس نفذت إسرائيل ضربات قتلت خلالها أكثر من 230 من سكان غزة في واحد من أكثر أيام الضربات الانتقامية تدميرا. واستمر القتال حتى وقت متأخر من الليل.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "سننتقم بشدة لما حدث في هذا اليوم الشرير".
وأضاف "شنت حماس حربا قاسية وشريرة. سننتصر في هذه الحرب ولكن الثمن باهظ للغاية بحيث لا يمكن تحمله.. حماس تريد قتلنا جميعا. هذا عدو يقتل الأمهات والأطفال في بيوتهم وفي أسرتهم. عدو يخطف كبار السن والأطفال والفتيات المراهقات".
مقاتلون من حماس يدخلون إسرائيل في هجوم غير مسبوق
وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إن الهجوم بدأ في غزة وسيمتد إلى الضفة الغربية والقدس.
وسلط هنية في كلمة له الضوء على التهديدات التي يتعرض لها المسجد الأقصى في القدس واستمرار الحصار على غزة والتطبيع الإسرائيلي مع دول في المنطقة. وأضاف "كم مرة حذرناكم أن شعبنا الفلسطيني يعيش منذ 75 عاما في مخيمات اللجوء وأنتم لا تعترفون بحق شعبنا؟".
وتابع "كان هذا الصبح إشراق عزة شعبنا، وصبح الهزيمة والمذلة والانكسار على عدونا ومستوطناته وجنوده". وأضاف "هذه المعركة تكشف عمليات الإعداد والتجهيز، وكذلك تكشف هشاشة هذا العدو".
من جهته قال الجيش الإسرائيلي إن ضباطا كبارا في الجيش كانوا من بين القتلى في القتال قرب غزة أمس السبت.
وبحلول الساعة 1:30 صباحا بالتوقيت المحلي (2330 بتوقيت غرينتش) كانت القوات الإسرائيلية لا تزال تشتبك مع مقاتلي حماس في بعض أجزاء من جنوب إسرائيل.
وفي إفادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الوضع في البلاد ليس تحت السيطرة الكاملة.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن مجلس الوزراء الأمني وافق على اتخاذ خطوات لتدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس والجهاد الإسلامي "لسنوات عديدة" بما يشمل قطع إمدادات الكهرباء والوقود ودخول البضائع إلى غزة.
حماس تقول إنها احتجزت العديد من الرهائن الإسرائيليين
وفي غزة تصاعد دخان أسود وألسنة لهب برتقالية في سماء المدينة من برج شاهق تعرض لضربة جوية إسرائيلية. وحملت حشود من المشيعين في الشوارع جثث ناشطين قتلوا اليوم ملفوفة بأعلام حماس الخضراء.
وتم نقل القتلى والجرحى في غزة إلى مستشفيات متهالكة ومكتظة في ظل نقص حاد في الإمدادات والمعدات الطبية. وقالت وزارة الصحة إن عدد القتلى بلغ 232 والمصابين 1700 على الأقل.
وخلت الشوارع إلا من سيارات الإسعاف التي هرعت إلى مواقع الغارات الجوية. وقطعت إسرائيل التيار الكهربائي لتغرق المدينة في ظلام دامس.
بايدن يعرض المساعدة على نتنياهو
نددت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة بالهجوم الفلسطيني وتعهدت بدعم إسرائيل.
وفي البيت الأبيض ظهر الرئيس الأميركي جو بايدن على شاشة التلفزيون ليقول إن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها وأصدر تحذيرا صريحا لإيران والدول الأخرى المعادية لإسرائيل. وقال "هذه ليست اللحظة المناسبة لأي طرف آخر معاد لإسرائيل لاستغلال هذه الهجمات لتحقيق مكاسب. العالم يراقب".
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن للصحفيين إن الولايات المتحدة تعمل مع حكومات أخرى لضمان احتواء الأزمة.
وتحاول واشنطن التوصل إلى اتفاق من شأنه تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية وهو ما يعتبره الإسرائيليون أكبر جائزة حتى الآن في سعيهم المستمر منذ عقود للحصول على الاعتراف العربي. ويخشى الفلسطينيون أن يقضي أي اتفاق من هذا القبيل على أحلامهم المستقبلية في دولة مستقلة.
وخرجت احتجاجات دعما لحماس في أنحاء الشرق الأوسط أُحرقت فيها أعلام للولايات المتحدة وإسرائيل ولوح فيها مشاركون بأعلام فلسطينية في العراق ولبنان وسوريا واليمن.
واشادت إيران وحزب الله بهجوم حماس.
لم يتم إبلاغ السكان في جنوب إسرائيل حتى حلول مساء أمس بانتهاء العمليات حتى يستطيعوا مغادرة الملاذات التي يختبؤون فيها من المسلحين منذ الساعات الأولى من الصباح.
وقال داني رحاميم لرويترز عبر الهاتف من أحد الملاجئ حيث لا يزال يختبئ في ناحال عوز بالقرب من سياج غزة "الأمر لم ينته لأن (الجيش) لم يقل إن البلدة آمنة". وهدأ إطلاق النار لكن لا يزال من الممكن سماع دوي انفجارات متكررة.
وقالت حماس إنها أطلقت وابلا من 150 صاروخا باتجاه تل أبيب مساء امس ردا على الغارة الجوية الإسرائيلية التي دمرت المبنى الشاهق الذي يضم أكثر من 100 شقة.
وقال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لقناة الجزيرة إن الجماعة تحتجز عددا كبيرا من الإسرائيليين بينهم مسؤولون كبار. وأضاف أن حماس لديها ما يكفي من الأسرى لحمل إسرائيل على إطلاق سراح جميع الفلسطينيين في سجونها.
وأرجعت حماس الهجوم إلى ما قالت إنه تصعيد الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وعلى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وأعلن قائد هيئة الأركان في كتائب القسام محمد الضيف بدء العملية في بث عبر وسائل إعلام تابعة لحركة حماس، داعيا الفلسطينيين في كل مكان إلى القتال.
وقال "اليوم هو يوم المعركة الكبرى لإنهاء الاحتلال الأخير على سطح الأرض"، مشيرا إلى إطلاق خمسة آلاف صاروخ.
وأكد القيادي في حماس أسامة حمدان لـ"وردنا" أن قيادة حماس هي من تحدد التوقيت و الأهداف لهذه العملية.
وخاضت حماس التي سيطرت على غزة في 2007 أربع حروب ضد إسرائيل منذ ذلك الحين. لكن مشاهد العنف داخل إسرائيل نفسها تختلف تماما عن أي شيء شوهد منذ التفجيرات الفدائية في الانتفاضة الفلسطينية قبل عقدين.
ومع طبيعة الهجوم الذي كان مباغتا بالنسبة لقوات الأمن الإسرائيلية، يعد هذا أحد أسوأ الإخفاقات الاستخباراتية في تاريخ البلاد، كما أنه يمثل صدمة في دولة تفتخر باختراقها المكثف ومراقبتها للجماعات المسلحة.
وفي غزة، سارع الناس لشراء المؤن تحسبا لصراع قد يستمر أياما. وأخلى البعض منازلهم وتوجهوا إلى الملاجئ.
وقُتل عشرات الفلسطينيين وأصيب المئات في اشتباكات على الحدود مع إسرائيل حيث سيطر مقاتلون على معبر حدودي ومزقوا السياج. وكان من بين القتلى مدنيون من الحشود التي حاولت العبور إلى إسرائيل عبر البوابات المتضررة.
وقالت أمل أبو دقة، وهي امرأة فلسطينية، لرويترز "نحن خائفون"، بينما كانت تغادر منزلها في خان يونس.
إسرائيل: حماس تعلن الحرب وترتكب "خطأ فادحا"
يأتي تفجر الأحداث على خلفية تصاعد العنف بين إسرائيل والمسلحين الفلسطينيين في الضفة الغربية، التي تشكل مع قطاع غزة جزءا من الأراضي التي يسعى الفلسطينيون منذ فترة طويلة إلى إقامة دولتهم عليها.
كما اندلعت في الضفة الغربية مواجهات في عدة مواقع حيث تصدى شبان لقوات الاحتلال بالحجارة. وقُتل أربعة من الفلسطينيين، من بينهم فتى يبلغ من العمر 13 عاما. ودعت الفصائل الفلسطينية إلى إضراب عام اليوم الأحد.
يأتي التصعيد كذلك وسط اضطرابات سياسية في إسرائيل التي تعاني من انقسامات عميقة بخصوص تعديلات السلطة القضائية.