خاص

"السلام بالقوّة"، منطق كرسه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن خلاله أوقف حرب غزة. ووفق تصريحات ترامب نفسه، فإن هذا المنطق لن يقتصر على غزة فقط، ما يفتح الباب لاحتمالية تطبيقه على لبنان لضمان أمن إسرائيل وحمايتها، ويمكن أن يتحقّق ذلك إما من خلال السلام المباشر أو عبر مفاوضات غير مباشرة، شريطة أن تكون إسرائيل مستعدة لخوض مغامرة السلام مع لبنان بعد تطبيق الدولة اللبنانية للإجراءات الرامية إلى حصر السلاح.

ولكن في حال تمسّك حزب الله بسلاحه وبقيت حدود إسرائيل غير آمنة، هل سيجر لبنان إلى "السلام" مع إسرائيل بالقوّة؟

الباحث الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب يشير في حديثه لـ "وردنا" بأنه "كلنا نعلم، ونحن فقط نؤكد أمراً معروفاً، وهو أن إسرائيل تحتلّ هذه النقاط في لبنان لتفرض نوعاً من السلام بشروطها الخاصة."

ويضيف" أما بالنسبة لما إذا كان لبنان سيجيب أو لا، فهذا موضوع لا يزال قيد المعالجة؛ فلبنان يحاول حلّ الأمور بطريقته الخاصة، ووافق حزب الله الذي شارك في الحكومة وشارك في انتخاب رئيس الجمهورية على أساس أن يكون السلاح محصوراً بيد الدولة".

واعتبر ملاعب أن "هذا الأمر طبعاً يدخل في إطار استراتيجية دفاعية يمكن أن يقرّرها رئيس الجمهورية، كما قال، أو استراتيجية للأمن القومي يحددها في خطابه أو قسمه، لا ينبغي لأحد أن يستعجلنا، لا الإسرائيلي ولا الأميركي، ولا حتى بعض الخبراء المحليين."

ويرى أن الموضوع لا يُحلّ بالقوة أو بالسلاح؛ فالموقف السياسي أهمّ بكثير من قوة السلاح. ولهذا، ننتظر اليوم أن يقوم الجيش اللبناني بما عليه، ضمن إمكانياته المحدودة جداً.

وشدد على أن الجيش اللبناني لا يزال قادراً على إنهاء وجود السلاح في الجنوب، والسير باتجاه حصر السلاح خارج الجنوب ولو بشكل ضعيف أو محدود؛ فإذا جرت مفاوضات، آلية العمل تقول إنه يجب أن تكون هناك مفاوضات لترسيم الحدود أو لانسحاب إسرائيل إلى الخط الأزرق.

ويذكّر ملاعب بأن القرار 1701 في مادته السادسة ينصّ على انسحاب جميع الجيوش الأجنبية من كامل الأراضي اللبنانية، وكلمة "كامل الأراضي اللبنانية" تشير إليها أيضاً اتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان وإسرائيل عام 1949، والتي تحدد الحدود بين لبنان وفلسطين.

ويختم ملاعب قائلاً :"كل ذلك يمكن تنفيذه إذا دخل لبنان في مفاوضات، فخامة الرئيس قال إنه لا مانع من المفاوضات لكن ليس مفاوضات مباشرة وتحت الضغط أو بالقوة، حتى وزير الخارجية قال إنه لا مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وكذلك الرئيس نبيه بري قال إن الآلية هي التفاوض عبر القنوات المعتمدة حالياً. إسرائيل طبعاً، تطمح إلى أن تجلس لبنان إلى طاولة المفاوضات وفق شروطها وبالقوة، لكن ذلك لن يحصل."

ومن جهته يؤكد العميد المتقاعد عدنان مرعب خلال حديثه لـ "وردنا" أن الأمر الرئيسي الأهمّ هو أن هناك قراراً أساسياً يقتضي بأنه إذا لم يُسلّم حزب الله سلاحه، فلا يوجد أي سلام حقيقي وواقعي مع إسرائيل ولا حتى مفاوضات غير مباشرة تنتج من خلالها أي تطور ملموس على هذا الصعيد.

ويضيف مرعب أن المطلب الدولي الأساسي هو أن يسلم "الحزب" سلاحه بأسرع وقت ممكن، وفي حال لم يُسلّم سلاحه بواسطة التفاوض مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، فالضربة الإسرائيلية على لبنان حتميّة، وفي حال لم تحصل أي ضربة كبيرة ضد لبنان فالاستنزاف الموجود حاليّاً سيستمرّ.

ويتابع: "سيقع لبنان ضمن حصار مالي واقتصادي قاس، كوسيلة ضغط على حزب الله، ولكن كلّ لبنان سيتأثر بهذه الضغوط حكماً، كما سيتأثر سياسياً باعتباره أنه خارج إطار السلام في المنطقة".

أما على صعيد المفاوضات، فيشير مرعب إلى أن الأمور لا تقف عند مبدأ المفاوضات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، ولكن الأهم من شكل المفاوضات وآليتها، هي النتائج وجهوزية الدولة، وقدرتها على الدخول بمفاوضات غير مباشرة.

ويتابع أن حزب الله لا زال متمسكاً بسلاحه ويشترط إيقاف العمليات الإسرائيلية ضده والانسحاب من النقاط الخمس، فلا تستطيع الدولة اللبنانية اليوم أن تدخل بأي نوع من المفاوضات سواء مع إسرائيل أو مع المجتمع الدولي من دون أن يتم تسليم سلاح الحزب للدولة اللبنانية.

ويختم مرعب حديثه لـ "وردنا" مشدداً على "أن حزب الله مهزوم، ولا يستطيع فرض شروطه"، مؤكّدا أنّ "عملية فرض الشروط من قبل الحزب تعتبر غير واقعية، والحزب يعلم ذلك جيّداً بكل واقعية، ولكن الأمر كله يتوقف على إيران: هل ستسمح للحزب بأن ينخرط في هذه المفاوضات ويساعد الدولة اللبنانية؟ أو لن تسمح بذلك على اعتبار أنها مستفيدة من وضع حزب الله بعد خسارة الورقة السورية والعراقية".

يقرأون الآن