قالت صحيفة "التلغراف" البريطانية إنه حان الوقت لأن يعترف المسؤولون الأميركيون بأنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون قوة مطلقة، تخوض كل معركة في جميع أنحاء العالم.
وفي مقال بعنوان "إيران والحوثيين هزما الجيش الأميركي"، لفت الكاتب دانيال ديبيتريس إلى أن "الأميركيين لم يتعلموا في سن مبكرة أن يحبوا بلادهم فحسب، بل أن يتعجبوا من قوتها"، معتبرا أنه "من الصعب ألا تكون متعاطفا مع هذا النوع من الحجج، ذلك أن الولايات المتحدة تمتلك ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي. والولايات المتحدة تنفق على الدفاع أكثر مما تنفقه الدول التسع التي تليها مجتمعة، كما تتمتع بنفوذ واسع النطاق في التجارة الدولية وفي المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي".
ورأى أن "ما يفشل صناع السياسات في الولايات المتحدة في فهمه في كثير من الأحيان هو أن القوة لا تعني بالضرورة نفوذا غير محدود. يفترض مهندسو السياسة الخارجية للولايات المتحدة في كثير من الأحيان أن الولايات المتحدة تتمتع بالقوة المطلقة، وأنها قادرة على إكراه الأصدقاء والخصوم على حد سواء على تكييف سياساتهم بما يرضي واشنطن".
وأضاف: "هذا الافتراض يكاد يكون عالميا، إلا أنه تم دحضه مرارا وتكرارا، خاصة في الشرق الأوسط. ففي اليمن على سبيل المثال يتعامل الحوثيون مع البحر الأحمر باعتباره ميدان إطلاق نار خاصا بهم منذ تشرين الثاني/ نوفمبر. وهاجموا السفن المدنية وسفن البحرية الأميركية التي تعبر الممر المائي أكثر من 100 مرة خلال تلك الفترة الزمنية، لدعم الفلسطينيين".
وأشار إلى أن "إيران مثال آخر، وربما الأكثر انتشارا. خلال إدارة (الرئيس السابق دونالد) ترامب، كانت إيران العدو العام رقم واحد. انسحب ترامب، بتحريض من وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، من الاتفاق النووي الإيراني وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية التي تم رفعها سابقا بموجب الاتفاق. وكان الهدف من استراتيجية الضغط الأقصى هو دفع الاقتصاد الإيراني إلى نقطة لن يكون أمام المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أي خيار سوى التوسل للمغفرة والتوقيع على اتفاق جديد بشروط أميركية".
وأفاد بأن " الألم الاقتصادي لم يسفر عن أي نتائج سياسية إيجابية بشأن الملف النووي. بل إن المشكلة النووية الإيرانية أصبحت أسوأ. وبدأت طهران، التي تحررت من أي قيود نووية، في تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي، ورفعت مستوى التخصيب إلى مستوى أعلى وخفضت مستوى وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأصبحت أقرب إلى امتلاك قنبلة نووية أكثر من أي وقت مضى".
وأضاف: "لا شيء من هذا يعني أن الولايات المتحدة ليست دولة قوية. بل إن النقطة المهمة هنا هي أن الولايات المتحدة كثيرا ما تضخم قوتها، وتقلل من قوة الدول الأخرى في مقاومة الإملاءات الأميركية، كما أنها على ثقة مفرطة في أن أي تحديات قائمة على طول الطريق يمكن تنحيتها جانبا بسهولة. أما الواقع فهو أكثر تعقيدا بكثير، وقد حان الوقت للاعتراف بذلك من قبل المسؤولين الأميركيين".